Monday 18th October,200411708العددالأثنين 4 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الطلاق بات شبحاً يهدّد كيان الأسر ويدمّر المجتمع الطلاق بات شبحاً يهدّد كيان الأسر ويدمّر المجتمع
ناصر بن عبد العزيز الرابح / عضو لجنة الزواج في جمعية الملك عبد العزيز في حائل

من المشاكل الاجتماعية التي بدأت تلوح بالافق معالمها وباتت مخاطرها تنمو وتزداد هي مشكلة الطلاق والتعليق التي ظلت بعيداً عن الحوار والحديث والنقاش والسجال إلا فيما ندر وبتنا نناقش أموراً محسومة شرعا وليست مجالا للاجتهاد أو الرأي والرأي الآخر كتعدد الزوجات مثلا وهي سنة لها شروطها وضوابطها وكونها تأخذ أكبر من حجمها في الطرح والنقاش فكأننا نصورها مشكلة وليدة الساعة وليست لدينا مشكلات غيرها. إننا أمام جرح ما زال ينزف في المجتمع ويهدد استقرار الاسر ويشعل فتيل التفرق والتشتت ألا وهو قضية الطلاق، هذا الشبح المخيف الذي اصبح بعبعا يهدد البيوت ويفتك بالروابط الأسرية ويضيع الرعاية الشرعية للابناء والبنات، فكم من احصائيات مذهلة وقصص محزنة وروايات مبكية نقرؤها ونسمع عنها عن الطلاق وما أدراك ما الطلاق؟!
وعلى الرغم من ثقافة المجتمع ووعي الأسر إلا أن المشكلة في ازدياد والمخاطر تزداد. كلمة الطلاق وهي أبغض الحلال عند الله اصبح سهلاً التلفظ بها عند خلقه ممن قل خوفه أو ذهب حياؤه؛ فالبعض ظن وهو واهم أن بنات الناس ألعوبة متى ما ملّ منها طلقها ورماها في بيت أهلها هي وأبناءها وبحث عن غيرها؛ فهذا الصنف من الناس عديم الضمير فاقد الحياء قليل الخوف من الله وإن كان يتوسم في شكله الصلاح وينسب إلى أهل التدين.. فهناك من الرجال من قام بتصفية زوجاته السابقات من أجل ان يظفر بزوجات جديدات، وآخر من أهل التعدد أراد تصفية زوجته الاولى وإحالتها الى التقاعد بمغريات مالية ضخمة تشمل بدلات ومكافآت نظير حصوله على مخالصة لطلاقها من أجل أن يتمكن من استبدال زوجة صغيرة في السن بها، وآخر طلق أكثر من زوجة وله منهن أبناء وبنات ورماهن لدى أهلهن دون أن يحيط أبناءه بالرعاية والعناية والتكفل بما أوجبه الله عليه من النفقة والكسوة. وجملة هؤلاء يتشدقون باتباع السنة ونهج هدي خير الأمة وما علموا أنهم للسنة مضيعون وعن النهج مخالفون وأمام الناس مخادعون، وهؤلاء تركوا أوجب الواجبات وهو رعاية الابناء وتربيتهم والقيام بشؤونهم؛ استجابة لأمر الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - (كلكم راع وكلٌّ مسؤول عن رعيته).
فهل يتمثل التعدد بتصفية الزوجات والزواج بأخريات؟ وهل ما فعلوه بهؤلاء النسوة وما ارتكبوه بحق هؤلاء الذرية يتوافق مع مطالب التعدد وأحكامه؟ وهل كثرة الطلاق كانت نتيجة خصومة فشل الحكم من أهله وأهلها في حلها؟ وهل الطلاق كان لجرم لا يغتفر ارتكبته الزوجة؟ أجزم ان ما ذكرته آنفا من صور الطلاق كان للمباهاة والتفاخر والانقياد لشهواتهم الجامحة ونزواتهم الجانحة تحت مصطلح التعدد واتباع السنة؛ فضيعوا أمانة السموات والارض وحرموا أبناءهم مما أوجبه الله عليهم من النفقة والتربية والعناية بهم. وبكثرة الطلاق حلت القطيعة بين الأرحام بدلا من التواصل، والكره بدلا من الحب بين الآباء والأبناء، وأصبح الآباء لا يعرفون أبناءهم إلا من خلال النسب فقط.
وإذا كنا نلقي باللائمة على بعض حديثي الزواج من الشباب بتهورهم بكلمة الطلاق لأتفه الاسباب فكيف بمتوسطي العمر وكبار السن أصحاب الخبرة والعلم كما يدّعون؟! إن كثرة الطلاق تهدد كيان الأسر وترابط المجتمع وتفقد المعاني السامية لمفهوم التعدد وأصوله، خصوصا أن هذه النماذج شوّهت صورته وأهدافه النبيلة. أجزم أن الموضوع في حاجة إلى المزيد من الطرح والكثير من العرض من أهل التخصص وأصحاب الشأن؛ فهو قضية إنسانية وأسرية واجتماعية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved