إن المتفكّر المتدبّر في سيران عملية المال في شهر رمضان في المصروفات العامة وفي استهلاكنا للفطور في ليالي الشهر الكريم، ليجد مندوحة من الحسابات المالية، وكذلك الزكوات والصدقات، متجمّعة، ماليّاً واقتصادياً إلى مبالغ كثيرة، يمكن - لو عمدنا إلى الوسطية من جهة الاستهلاك اليومي والليلي، من أغذية.. إلخ، وتوظيف العمل للمستحقات العادلة في نظرية الاقتصاد الإسلامي من تنظيم في عمليات الزكوات الطاهرة، والصدقات الزكية، مقابل الحديث النبوي: (ما نقص مالٍ من صدقة).
من جهةٍ أخرى، لتحسّن وضع كثيرٍ من الناس في مجتمعنا المتآخي والمتماسك خلقيّاً وإيمانياً ومودةً واجتماعياً.
ومع أن المرء المسلم يجد الخير في هذا المجتمع، وغيره بجانبه العملي المستقدم إلا أن فرصة فضائل هذا الشهر، وبركات صومه نهاراً، وصدقة السر ليلاً - بما فيهما من العمل المخصوص مالياً واقتصادياً، إيماناً من كل شرائح مجتمعنا بفضل الإنفاق العريض والمغدق في الشهر الفضيل - فإن الحجم من الأموال حسب العرض والطلب، في الأسواق ومراكز الشراء والبيع، في إطار الاستهلاك المكرَّم والمكرِّم في خصوصية الشهر وفي ظرفه الزماني الشاسع، والمبارك، يمكّن أصحاب رؤوس الأموال من معدلات الإنماء، وحسابات الإنفاق، وصرف مستحقات التمويل الحسن، برؤى الإيمان التي تشهد، بالنظرية الاقتصادية في ديننا قرآناً وسنةً.
فكثيرٌ من الشبيبة المتحفز للعمل والبناء الاجتماعي، والتفعيل العملي في إطار الثروات العامة التي يرى صورها يومياً في مراكز البيوع للإنفاق النامي لمستقبله الإنساني والاجتماعي، بالتطلع إلى فرص العمل المعلن عنها رسمياً وخصخصة داخلياً بالذات، هم في أمس الاحتياج المالي الذي يعززه الطموح للعمل الشريف توظيفاً وتنميةً وعملاءً، وكذا عموم الناس في مجتمعنا، بجميع الشرائح متحفزة إلى أعمال كأفراد الأسر خاصة عندما يدخل الآباء في ربيع العمر! أو تفقد الأسرة من كان يمولها!
إن ذلك مثلان من الأمثلة الإنسانية والاجتماعية في بلادنا ذات التطلع نحو النماء البشري والإنماء المادي في دائرة الحياة الإنسانية، فالمنظور الاقتصادي الموفّر للعملية المالية يكشف من جانب المعنى العملي عن جذبهم - في تعداد الحساب الاقتصادي - نحو الانخراط التعاوني في توفير أي عملٍ ذي مردود محسوب في دورهم المعيشي في الحياة العامة؛ لسد الرمق وإشباع الحاجة، ومن ثم المشاركة في التنمية والنهضة وان بناء جسور بين أعمالهم والوطن لأمر ينبغي مراعاته وأن يكون نصب أعيننا، لما في ذلك من الأهمية بمكان؛ ثم إن ذلك يعد تعليةً للفكر الاقتصادي، وتبصيراً بمزيدٍ من تحريك للبورصات العامة ومصارف الأموال البنكية عندما يتضح لنا أهمية الفرص في مواسم كشهر رمضان سواء الدخول والاستثمار الذي يكثر من العمليات التجارية والاقتصادية من حصيلة البيع والشراء للزوار والمعتمرين، وفي ذلك ما فيه من العوائد الرابحة حياتياً وأعمالاً وكسباً وفوائد تعود بأموال ثمينة، وهذا ما قصدته في السطور الماضية، إذاً فالمجالات متنوعة، والظروف يمكن لها التحسن بصفة عامة؛ في هذا العالم المربح المتكاثر بحول الله وقوته، إن التفكير الاقتصادي ينبغي له التجدد في أذهان رجال الأعمال وأصحاب الأموال، كما أن الفكر ينبغي له التجديد في أي مجالٍ من مجالات الحياة العامة علمياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً. إذ غدا لكلّ فنٍ من فنون الأعمال، ولكلّ نوعٍ من أنواع الأشغال، أن يرتبط بالتصوّر الحسن النافع، سواء التصور العلمي أوالعملي أوالمهني أوالصناعي أوالمالي أوالاقتصادي أيضاً، لأن تنفيذ العملية المالية والاقتصادية، لا يتم فقط برأس المال، فالسيولة تكمن وراء الحصافة الفكرية التي تدرك الصالح من المشاريع الكبرى، والرابح من المصالح العامة.
وإذا تمّ التصور واكتملت نظريته كان الرجاء أرغب وتوفيق الله بحوله وقوته له أقرب.
|