الأفق العراقي متخم بكل ما هو خطير، وبدت مدينة الفلوجة وكأنها ستظل بؤرة للاهتمام مجدداً ولوقت طويل، فهناك مؤشرات على ذلك، لعل أبرزها وأخطرها ما يتردد من أن القوات الأمريكية طلبت من بريطانيا نقل قوات لها من البصرة، حيث تتمركز منذ بداية هذه الحرب، إلى بغداد لتحل محل قوات أمريكية تستعد للتوجه لمعركة الفلوجة المرتقبة.. ولم يأت التهديد لهذه المدينة فقط من القوات الأمريكية، التي لم تكف يوماً عن قصفها، بل أيضا من رئيس الوزراء المؤقت علاوي الذي قال إنه سيهاجم المدينة إذا لم تسلم أبو مصعب الزرقاوي الذي يدور لغط كثير عن شخصيته، وحول ما إذا كان هناك أصلا شخص بهذا الاسم أم أن المسألة لا تعدو أكثر من كونها (فزاعة) صنعتها المخيلة الأمريكية لتبرير قصف المدينة التي ترفض دخول القوات الأمريكية إليها.. وفي الوقت الذي بدا فيه أن أحوال العراق قد تشهد نوعاً من التهدئة في أعقاب تسليم الأسلحة في مدينة الصدر، قبل حوالي الأسبوع، باعتبار أن تجربة تلك المدينة تصلح للتطبيق في أنحاء أخرى من العراق، فإن التوقعات بهذا الصدد ذهبت أدراج الرياح، لتبقى الفلوجة على عهدها بؤرة للتوتر الدائم و(ترموتر) للأحوال في العراق ونقطة تحد مستمر لمن يحاول اقتحامها من القوات الأجنبية.. وأمام رئيس الوزراء المؤقت أقل من ثلاثة أشهر للوفاء باستحقاق الانتخابات العامة في هذه البلاد المضطربة، ولا يبدو أن ثمة ما يفيد بأن الأوضاع تسير باتجاه التهدئة بل الظن الغالب أن كل الأمور تنحو نحو التصعيد، فوتيرة العمليات المتصاعدة والتهديدات لا تترك مجالاً لغير توقع الأسوأ.. والمشكلة إزاء التصعيد إنه يقود فقط إلى المزيد من التوتر، فكلما ازدادت الهجمة الأمريكية زادت حدة الغضب بين السكان لأن الذين يموتون في الفلوجة وفي غيرها هم في الغالب الأعم من المدنيين، ومع تواتر مثل هذه الهجمات فإن الكثيرين من المتضررين الذين يفقدون الأقارب يختارون اللجوء للسلاح لمقاومة هذا القصف العشوائي الذي يستهدفهم ببنادقهم أو بدونها.
|