** لم تقدم وزارة الشؤون البلدية والقروية مبررات مقنعة لتأجيل مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية في دورتها الأولى (ترشيحاً وتصويتاً)، والمبرر الذي تمّ ذكره في اللقاء التعريفي بعمليات الانتخابات كان مبرراً هشاً وغير مؤسس على قاعدة متينة.
فإذا كانت التجربة جديدة فهي جديدة على الرجل وعلى المرأة، ولندعها تظهر بكل تداعياتها عليهما معاً، وتكبر التجربة وتتحسن وتتخلص من سلبياتها بهما معاً.. والمبرر الثاني أن الوقت كان ضيقاً واشتراك المرأة يحتاج إلى ترتيبات لا يتسع الوقت لها.. فكيف يتسع الوقت لترتيبات الرجال ولا يتسع للنساء؟ هذا أمر غير مقبول في مسألة اعتبارية وتأخذ بعداً حقوقياً ننطلق منه كمجتمع متحضر يشرك المرأة في مؤسساته المدنية ويدفع بالأقاويل التي تتردد عنه أنه مجتمع غير قابل لمبدأ المشاركة النسوية.
إن ذلك مأزق لا بدّ أن نتجاوزه، وطالما أننا نسعى إلى تحسين صورتنا في العالم فلا بد أن نتجاوز كل الترتيبات البيروقراطية الإدارية ونجعل من إشراك المرأة في هذه الانتخابات مسألة وطنية.
** لم يسق المتحدثون عن تأجيل إشراك المرأة في الانتخابات والاعتراف الكامل بمواطنتها وحقها في اقتسام كل سبل الحياة مع شقيقها الرجل إلا هذين المبررين، وهما - على ما ذكرت سابقا - مبرران لا يرتقيان إلى أهمية الخطوة وما تمثله في تاريخ المرأة السعودية ووجودها على الخريطة الاجتماعية باعتراف إسلامي مؤسس على شريعة تعطي للرجل والمرأة حق الاختيار وحق العمل وحق الرأي وفق ضوابط تخص كلاً منهما.
** أصبحت الترتيبات التي تخص النساء مشجباً تعلق عليه أكثر الجهات تهاونها في إنصاف المرأة وإحقاق حقها والتعامل معها كإنسان وفرد كامل الأهلية.
** في ندوة إعلامية مهمة أقامتها وزارة التربية والتعليم التي تمثل المرأة نصف المتعلمين والعاملين فيها لم تدع المرأة أو تشرك في الندوة أو يقام لها مكان للحضور والاستماع، وحين سألت عن الأسباب؛ قال لي من قال: إن ترتيبات حضور النساء لهذه الندوات متعبة ومرهقة؛ ولذا فتجاهلها أسهل وأيسر.
هذا في وزارة تنتمي لها المرأة وتعد هي المرجع الإداري لها.. إذن كيف بالجهات الأخرى التي لا بدّ أن تجد من مسوغات تلك الجهة منفذاً لها..؟
** المرأة جزء من هذا الوطن والتعامل معها وفق هذا المنظور هو الذي يفترض أن يسود، وأن تجرى الترتيبات اللازمة لوجودها المتوائم مع ما يقره الشرع بشكل دائم وسريع يحفظ لها الحق في المشاركة في كل المناشط وكل المؤسسات التي تمثل هي جزءاً منها.
** ما زالت نساء هذا الوطن يأملن في قرار حاسم ينهي هذا الجدل حول نقطة حسمتها مضامين النظام التأسيسي للانتخابات البلدية، وأهمها أن كل مواطن بلغ الحادية والعشرين يحق له الترشح والتصويت، واستبعاد النساء هو تجاوز لهذه النقطة، ومخالفة صريحة لها لفظاً ومعنى، إلا إذا كانت نساء المملكة كلهن لم يبلغن الحادية والعشرين بعدُ..
** لندخل التجربة معاً.. ولنخضها معاً.. ولنتخطَ عثرات البداية معاً..
** إنه تأجيل سيمنح المرأة شعوراً بالهزيمة داخل وطنها لن تمحوه مشاركتها في كل التجارب التي تليها؛ فاعتبارية المرأة ليست مشروعاً قابلاً للتأجيل ورأيها هو صفتها الاعتبارية كمواطن له حق الاختيار وحق الترشح.
|