Monday 18th October,200411708العددالأثنين 4 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

د. باهمام يتحدث عن النوم خلال شهر رمضان: د. باهمام يتحدث عن النوم خلال شهر رمضان:
السهر وراء الخمول والنعاس وتعكر المزاج في نهار رمضان

* الرياض -
طلال الطريفي:
يرتبط شهر رمضان في زمن الكثيرين من الناس بالسهر ليلاً والنوم نهاراً، وهذا النمط من الحياة يختلف من بلد مسلم لبلد آخر حيث يبدو أن العادات السائدة في المجتمع تؤثر على نمط حياة الفرد خلال الشهر الكريم.
من ناحية أخرى فإن التغير السريع في نمط تناول الطعام من النهار إلى الليل (الصوم خلال النهار والإفطار في الليل) يصاحبه بعض التغيرات العضوية (الفسيولوجية) في الجسم.
وفي هذا الإطار التقينا الدكتور أحمد بن سالم باهمام استشاري الأمراض الصدرية وطب النوم ومدير مركز تشخيص وعلاج اضطرابات النوم، والأستاذ المشارك بكلية الطب بجامعة الملك سعود، وطرحنا عليه بعض الأسئلة الخاصة بتأثير شهر الصوم على فترة النوم التي يقضيها الصائم.
زيادة فترة النوم في رمضان
* هل يؤدي الصيام خلال شهر رمضان إلى زيادة النعاس والنوم؟
- للإجابة عن هذا السؤال نحتاج إلى بعض التفصيل حيث يجب التفريق بين تأثير الصوم على فسيولوجية الجسم، وبين تأثير تغير نمط الحياة خلال شهر رمضان وتأثير ذلك كله على النوم.
* كيف يؤثر تغير نمط الحياة خلال رمضان على النوم؟
- يرتبط شهر رمضان لدى الكثير بالسهر خلال الليل، وتحدث تغيرات في نسق حياة المجتمع ككل مما يساعد على السهر خلال الليل ساعة بدء الدوام لدى المسلمين تتأخر خلال رمضان وتنشط المحلات التجارية حتى ساعة متأخرة من الليل، وكذلك القنوات الفضائية، وتكثر اللقاءات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء بين الأقارب والأصدقاء حتى ساعة متأخرة من الليل، وينتج عن السهر نقص حاد في عدد ساعات النوم خلال الليل لدى البعض مما قد يسبب الخمول والنعاس وتعكر المزاج خلال النهار.
وقد وجدنا في دراسة أجريناها على طلاب كلية الطب (عينة مكونة من 56 طالباً وطالبة) وتم نشرها حديثا في مجلة النوم والتنويم الأوروبية أنه لا يوجد اختلاف في مجموع ساعات النوم التي ينامها الطالب خلال شهري شعبان ورمضان، فقد نام الطلاب نفس عدد الساعات خلال شهر شعبان والثلاثة الأسابيع الأولى من رمضان، لكن الاختلاف كان ظاهرا وجليا في مواعيد وقت النوم والاستيقاظ، فقد تأخر وقت اليوم لدى الطلاب من الساعة 11.30 مساء إلى حوالي الساعة الثالثة فجرا خلال الأسبوع الأول من رمضان، واستمر هذا التغير في الأسابيع التالية، وتأخر وقت الاستيقاظ من الساعة 6.30 صباحا إلى الساعة 8.45 صباحا خلال الأسبوع الأول من رمضان والساعة 9.15 صباحا في الأسبوع الثالث من رمضان، ولم يصاحب ذلك تغير في عدد أو مدة الغفوات خلال النهار.
والمفارقة أنه بالرغم من حصول الطلاب على نفس عدد ساعات النوم فإنهم كانوا يشتكون من زيادة حادة في النعاس خلال نهار شهر رمضان، وهذا قد يعزى إلى احتمالات منها: التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، احتمال وجود تغيرات فسيولوجية مصاحبة للصيام كتغير إفراز هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الصوم، أو احتمال وجود بعض العوامل النفسية و تغير المزاج الذي يصاحب الصيام، وتؤثر على النوم، تبقى كل الاحتمالات السابقة نظرية وتحتاج إلى تأكيد.
حتى غير المسلمين يتأخرون في نومهم خلال رمضان
وفي دراسة أخرى لم تنشر بعد، قمنا بمقارنة نمط النوم خلال شهري شعبان ورمضان لدى ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى ضمت مواطنين سعوديين، وضمت المجموعة الثانية مقيمين مسلمين، وضمت المجموعة الثالثة مقيمين غير مسلمين (أي لا يصومون خلال رمضان)، وأظهرت الدراسة كما هو متوقع تأخر مواعيد النوم لاستيقاظ لدى المسلمين مواطنين ومقيمين، وإن كان تأخر مواعيد النوم أكثر لدى المواطنين، ولكن النتيجة اللافتة للنظر في هذه الدراسة تأخر مواعيد النوم لدى المقيمين من غير المسلمين بالرغم من عدم تغير أوقات بدء العمل الصباحي لدى هذه المجموعة، وهذا يدعم الفكرة القائلة إن سبب تغير نظام النوم في شهر رمضان هو تغير نمط الحياة لدى المجتمع ككل وليس الصيام.
زيادة الأكل يزيد فترة النوم
*هل تحدث تغيرات فسيولوجية تؤثر على النوم خلال الصيام؟
- هناك بعض العوامل التي قد تؤثر على فسيولوجية النوم خلال الصيام، فتغير نمط ومواعيد ونوعية الأكل الفجائية من النهار إلى الليل قد ينتج عنها زيادة عمليات إنتاج الطاقة (الايض) خلال الليل مما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم خلال الليل، ففي العادة تنقص درجة حرارة الجسم حوالي نصف درجة مئوية قبل النوم مما يساعد على النوم، ولكن نتيجة لزيادة الأكل في رمضان خلال الليل قد ترتفع درجة حرارة الجسم مما قد يؤدي زيادة النشاط وعدم الشعور بالنوم خلال الليل، ويتبع ذلك خلال الصيام انخفاض درجة حرارة الجسم أثناء النهار والشعور بالنعاس أو بصورة مبسطة تغير الساعة الحيوية في الجسم، وهذه إحدى النظريات المطروحة عن علاقة الصوم بالنوم، ولها ما يدعمها من الدراسات.
ولكن هذه النظرية لم تتطابق مع بحث أجريناه حديثا على مجموعة من المتطوعين الأصحاء، ونشر في مجلة الجمعية اليابانية لطب النوم، حيث لم نجد أي اختلاف في النظام المعتاد لدرجة حرارة الجسم بين شعبان ورمضان، كما أننا لم نجد أي تغير مهم في النظام (الإيقاع) اليومي لإفراز هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الشهر الكريم، كما أن دراسات وقياسات النوم الموضوعية في المختبر لم تظهر أي تغير في جودة النوم خلال شهر رمضان، وبالرغم من شعور الصائمين بالنعاس خلال النهار إلا أن القياسات الموضوعية لزيادة النعاس في المختبر لم تظهر أي زيادة في النعاس خلال شهر رمضان عند حصول الصائم على نوم كاف خلال الليل.
وقد أظهرت الدراسة السابقة زيادة وزن الصائمين خلال شهر رمضان، وزيادة نسبة الدهون المكونة للجسم، وهذا يعود للإفراط في الأكل خلال الليل.
نمط الحياة يؤثر على النوم
لذلك وبناء على الدلائل المتوفرة من الأبحاث يبدو أن الصوم في حد ذاته لا يؤثر على جودة النوم، ولا يسبب زيادة النعاس خلال النهار، وأن التغيرات التي تحدث في النوم خلال شهر رمضان قد يكون مردها إلى تغير نمط الحياة خلال شهر الصوم.
من ذلك تتركز النصائح للصائمين خلال الشهر الكريم على الانتظام في نمط الحياة اليومي وعدم التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، فنوم النهار لا يغني عن نوم الليل، لذلك ينصح القارئ الكريم بالحصول على ساعات نوم كافية خلا الليل، والحصول بعد ذلك على غفوة قصيرة خلال النهار إن أمكن. كما أن الإفراط في الأكل خلال الليل، وبالذات قبل النوم يؤدي إلى اضطراب النوم وزيادة ارتداد الحمض إلى المريء مما يؤثر على جودة النوم. وتزداد أهمية ما سبق ذكره في حق الأطفال حيث يجب على الوالدين مراعاة حصول أطفالهم على نوم كاف خلال شهر رمضان.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved