لقد كان الحادي عشر من سبتمبر 2001 كارثةً كبرى بمقاييس التاريخ والجغرافيا والحضارة والإنسان، وكان عملاً إجرامياً يبرأ منه الإسلام الحقّ المبين لا (إسلام) (الشقق المفروشة) و(الكهوف المجهولة)، وتبرأ منه ذمة هذه البلاد وأهلها.
* *
* في الوقت نفسه، استثمرت القوى المعادية للإسلام والعرب في القارة الأمريكية وما وراءها وما دونها ذلك (الهولوكست) الدموي للنّيل منّا في هذه الأرض ظلماً وعدواناً، لمصلحة الصهيونية العالمية.
* *
* إنّ المتأمّل المنصف لأدبيّات الحدث وتداعياته حتى الآن يدرك في غير عناء أن (إسرائيل) كانت الفائز الوحيد في هذا (الماراثون) المأسوي منذ سقوط بُرجي (منهاتن) وجزء من مجمع البنتاجون، مروراً بالتصعيد السياسي فالعسكري الذي أعقب ذلك، وانتهاءً باجتياح العراق واحتلاله وتدمير بنيته السياسية والحضارية، بل لقد استثمرت إسرائيل وحلفاؤها (المحافظون الجدد) في بعض (دهاليز) القرار السياسي الأمريكي ذلك الحدث المريع والنتائج المترتبة عليه، وذلك بتصعيد عمليات القمع في فلسطين، أرضاً وسلطةً وشعباً، والإجهاز على آخر فرص السلام مما بات يعرف الآن تاريخياً ب(خارطة الطريق) التي لم تر النور أبداً!.
* ورغم فداحة ذلك الحدث، والتداعيات التي أعقبته، أزعم أنه لا يخلو من إيجابية التذكير لنا، إذ كان بحقّ (جرس إيقاظ) لنا من غفلة عما يحكى عنّا ويحاك لنا، داخل أمريكا وخارجها، وقد خرجت شخصياً من تجارب العمل الميداني ضمن أكثر من وفد إعلامي إلى الخارج شرفت بالمشاركة فيه برؤية حادة الزوايا، وهي أننا نفتقر إلى برنامج (إعلام خارجي) طموح في غايته، علميٍّ في منهجه ووسيلته، حضاريٍّ في تدبيره وتقديره، للتعريف بنا عالمياً، وشرح مواقفنا قولاً وعملاً من منظور مؤهل القدرة، منفتح الرؤية، عقلاني الأسلوب، وأن يكون لهذا البرنامج سمة التواصل الدائم مع الأطراف الحساسة من العالم التي يهمها أمرنا، ويهمنا نحن اهتمامها بنا، لعلنا، ولو بقدر متواضع، نفوّت جزءاً من الفرص التي تستثمرها إسرائيل والسابحون في أفلاكها للنيل منّا، نظاماً وإنساناً وإنجازاً!.
* *
* أما أن يكون تواصلنا مع العالم والغربي منه خاصة، متواضع القدر والقدرة، سريع التكوين والإيقاع، كلما طرأ طارئ أو وقعت واقعة، أو أن يكون أداؤنا الإعلامي المسموع والمرئي والمقروء مفتقراً إلى (التأهيل) القادر على ردم الفجوات وإقامة الجسور مع الآخر، لغةً ومعلومةً وثقافةً رحبة الأرجاء، فإن صورتنا في العالم لن تتقدم شبراً واحداً على صراط ما نتمنّاه، بل ستتراجع أشواطاً، تحت تأثير خطاب الإعلام الغربي المفخّخ بالمكر الصهيوني أو (المتصهين) الذي لا ينام له جفن، ولا يغيب عنه وعي!.
وبعد..، فقد استنفر موضوع الملتقى في خاطري.. ذكريات ورؤى وهوامش، وأتمنى في الختام أن تستثمر (صحوة العقل) التي أيقظتها أجراس الحادي عشر من سبتمبر 2001م، فنصلح من أمرنا ما يجب إصلاحه استجابة لإدارة نستلهمها نحن ولا تملى علينا، ونكون في هذا السبيل أصحاب المبادرة والصانعين لها، والجانين لثمارها, بدءاً ونهايةً!.
|