لم نكن في مأمن حقيقي عن تحولات الزمن، بل لم نكن بذلك الثبات والحرص المواظب على فروضه وآدابه العامة. قد نعيد الأسباب إلى أمراض وهموم أخرى، أقساها هو ذلك الشرود الذي أصبحنا نعانيه بل إنه تحول إلى ذهول يتلبّسك وتتمرّغ فيه على الدوام.. حتى في الصلاة أصبحنا نكثر الشرود، فلم نعد قادرين على تلمّس مشكلتنا بشكل واضح.
إذن في ذا الشهر الكريم سنبارك لبعضنا البعض أكثر من مرة؛ لأننا بحق لم نعد نذكر هل قدمنا المباركة حية وطازجة أم تمّ بعثها عبر الجوال أو الثابت أو في الرسائل أو من خلال الإنترنت أو بغير ذلك؛ لأن الذهول والشرود والسرحان هذه الأيام أصبح سمة واضحة فينا، فإما أن نصدق أننا عباقرة وفلاسفة يشغلنا أمر الكون، وإما أثرياء نحسب للدنيا وما فيها من مال ألف حساب، وإما أننا مرضى ويجدر بنا كشف الحقيقة؟
أحمد الله أنني سأقابل الأصدقاء والأحبة هذه الليلة من خلال ندوة (الجزيرة) التي ستقام في قاعتها الرئيسية؛ فسأحييهم وأقدم لهم المباركة بحلول الشهر الفضيل مباشرة بلا رسائل أو برقيات، كما أنها فرصة مناسبة وجميلة لأن أربط هذه التحية المباركة الرمضانية لكم بدعوتكم للحضور.كنت أتمنى أن نتحاور جميعاً حول ظاهرة الشرود والسرحان، أو لأقل لكم إنه من المهم أن نعدّ حولها ندوة كبرى أو صغرى، ليتحدث الجميع عن ظواهرها السلبية، وأبرز مسبباتها.
سأحدثكم الأسبوع القادم إن كتب الله لنا عمراً عن طرفة حدثت مع زميل رائع تعكس استفحال أمر شرودنا وذهولنا، فإما أن نكون عباقرة وإما أننا في حاجة إلى دواء!
|