في مثل هذا اليوم من عام 633 خرج أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قائداً على أحد الجيوش الأربعة التي أرسلها الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه لفتح الشام.
وكان أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح (رضي الله عنه) أحد السابقين الأولين إلى الإسلام، وقد أسلم بدعوة (أبي بكر الصديق) (رضي الله عنه)، فانطلق هو و(عثمان بن مظعون) و(عبد الرحمن بن عوف) و(أبو سلمة بن عبد الأسد) و(عبيدة بن الحارث) حتى أتوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فعرض عليهم الإسلام، وعرَّفهم بشرائعه؛ فشرح الله صدورهم للإسلام، وأسلموا جميعاً في ساعة واحدة، وكان ذلك في فجر الدعوة قبل دخول النبي (صلى الله عليه وسلم) دار الأرقم.وحظي (أبو عبيدة) بثقة خليفة المسلمين (أبي بكر الصديق) (رضي الله عنه)، وهو الذي زكَّاه النبي (صلى الله عليه وسلم) ووصفه ب(أمين الأمة)، فلم يجد (أبو بكر) من يقوم بأمر مال المسلمين خيراً منه، فولاه بيت مال المسلمين، فكان يتلقى أموال الزكاة، وينظر في توزيعها على حاجات المسلمين.وكان (أبو عبيدة) ممن استشارهم (الصدِّيق) لغزو (الشام) بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وحاجة الدولة الإسلامية الناشئة إلى تأمين حدودها من الأخطار المحدقة بها، وتأكيد قوتها أمام القوى الخارجية المتربصة بها، والحفاظ على هيبتها ومكانتها في نفوس أعدائها.فلما فرغ (الصديق) من حرب أهل الردة، وحرب مسيلمة الكذَّاب، واستطاع تأمين الدولة من الداخل ضد القبائل العربية المتمردة، وفلول المرتدين من مانعي الزكاة ومدِّعي النبوة وغيرهم، جهَّز الأمراء والجنود لفتح الشام، ووقع اختياره على (أبي عبيدة) و(يزيد بن أبي سفيان) و(عمرو بن العاص) و(شرحبيل بن حسنة)؛ ليكونوا على قيادة الجيوش المتجهة إلى الشام، واستطاع هؤلاء القادة أن يحققوا الانتصارات تلو الانتصارات، فكانت وقعة (أجنادين) بقرب الرملة التي جاءت بالنصر المؤزر، فطارت البشرى إلى (الصدِّيق) (رضي الله عنه) وهو في مرض الموت، ثم كانت وقعة (فِحْل) ووقعة (مرج الصُّفَّر) تتويجاً لانتصارات المسلمين في الشام.واستطاع (أبو عبيدة) أن يتوغل بجنوده في أرض الشام، مارًّا بوادي القرى وبالحجر، فلما دخل (مآب) قاومه الروم وعرب (مآب) فتصدى لهم وأخضعهم، فلما بلغ (الجابية) جاءته الأنباء بتجهيز (الروم) بقيادة (هرقل) للقاء المسلمين بجيش كبير.
|