|
انت في
|
كان عام 1354هـ موعداً لميلاد شيخ الدلم وابنها البار عبدالرحمن بن عثمان الجاسر، حيث ولد من أبوين كريمين، فأبوه عثمان بن محمد الجاسر العمور الدوسري وأمه فاطمة بنت علي السماري.. وقد توفيت أمه وهو صغير فتزوج أبوه امرأة أخرى هي أم أخويه محمد وعبدالعزيز، ونشأ شيخنا نشأة جدّ وكفاح وطموح لا يحده شيء ولا يقف عند عقبة أو حاجز.. فبدأ طلب العلم منذ الطفولة على يد الكتاتيب ودرس على يد عدد من المشايخ ومنهم:
ويربط الشيخ ماضي الدلم بحاضرها، فيشير إلى مزاحمة مدينة (السيح) لها، وتحول مسمى (الخرج) إليها وتناسي الدلم التي هي الأصل فيقول على لسان الدلم:
ولماذا يحب الشيخ الجاسر الدلم.. يجيء جواب هذا السؤال في ختام القصيدة:
لقد كان الشيخ عبدالرحمن الجاسر وفياً غاية الوفاء، وكان مربياً نادر المثال.. يأخذ بيد من يربيه ويعلمه حتى يوصله إلى قمة الأدب الحسي والمعنوي.. لمس ذلك أبناؤه من صلبه، كما نعم بذلك تلاميذه الذين أعد نفسي واحداً منهم، فتعلمنا منه: * الصبر على طلب العلم والمطالبة بالحق، والصبر على أذى الناس. * وتعلمنا منه البذل والتشجيع للصالحين، ورعاية برامج الإصلاح والتوجيه للناس وبخاصة الشباب.. وما تشجيعه للمراكز الصيفية الا مثال واحد من آلاف الأمثلة. * وتعلمنا منه سعة الأفق وعمق النظر للأشياء والتثبت في الأمور. * وتعلمنا منه حسن الخلق مع الكبير والصغير، وأسلوب التعامل مع المسؤولين وولاة الأمر. * وتعلمنا منه التواضع والزهد واللطف في توجيه المخطىء والجاهل. أما تواضعه وتقديره للآخرين، وتشجيعه للمواهب وحفزه للهمم فشيء وجدته مراراً طول معرفتي به.. ولعل أعمق مثال على ذلك في نفسي هو جوابه لي حينما بعثت إليه أبياتاً من شعري.. ولم يكن رأي لي نظماً، فسر بها وكتب إلي جواباً أبياتاً تفيض تواضعاً وبراً.. كتب تلك الأبيات وهو على سرير المستشفى العسكري بالرياض، وكان من أبياتي التي أرسلتها إليه:
أما جوابه - رحمه الله تعالى - فهو:
وفي ختام هذه السطور، لابد من التأكيد على أن ملخصاً كهذا لن يحيط بجوانب حياة شيخنا وينقل الصورة الكاملة لسيرة عطرة عاشها.. ولكنها وقفات للذكرى ولعل فيها بعض الوفاء.. وإذا كان المؤرخون قد قالوا عن الفاروق -رضي الله عنه- أنه أتعب من يجيء بعده، فإني أقولها بحق هنا: لقد أتعب شيخنا عبدالرحمن الجاسر من يجيء بعده بالأعمال التي كان يقوم بها في الدلم.. فهل سيدير المعهد مدير مثله، أو سيجد الناس في البلد مفتياً ومصلحاً ومعلماً؟ .. عسى .. ولكن الطريق طويل. لقد ودَّعت الدلم بعد صلاة المغرب من يوم الاثنين الواقع في الثامن من شهر شعبان عام 1423هـ شيخها وفقيدها.. وامتلأ جامع الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - بالمصلين.. ولم أر في الدلم جنازة حضرها وصلى عليها مثل العدد الذي حضر الصلاة على الشيخ.. وكان من المصلين عدد كبير جداً قدموا من الرياض ومن المدن المجاورة وسدت الطرق المؤدية إلى المسجد. إن فقد الشيخ ترك فراغاً كبيراً عسى أن نجد في أبناء الدلم وعلمائها الموجودين من يسده، وفي تلاميذ الشيخ وأبنائه وأحبابه خير كثير بإذن الله تعالى. وإني لأرجو أن ييسر الله لأبناء الشيخ سبيل جمع شعره وطبعه في ديوان؛ لأنه وكما رأيت فيه بُعْدٌ تاريخ ووثائق لفترة مهمة من تاريخ الدلم، كما أتمنى أن يطبعوا خطبه التي أداها على منبر جامع الدلم، ففيها دروس وعلم يجب أن يستفاد منه. رحم الله شيخنا، وجمعنا وإياه ووالدينا وأحبابنا في جنات النعيم.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. عبدالعزيز بن صالح العسكر
ص.ب 190 الدلم 11992 |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |