Sunday 17th October,200411707العددالأحد 3 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

وقفات أمام المكبرات وقفات أمام المكبرات
أدعوا ربكم تضرُّعاً وخُفْيَةً
أحمد المقبل - بريدة*

إنه لمن فضل الله علينا في هذه البلاد المباركة إقامة شعائر ديننا براحة ويسر، فانتشار المساجد يثلج الصدر ويبشر بالخير، ولا يعرف قيمة ذلك إلا من سافر إلى الخارج وشاهد كثيرا من بلاد المسلمين، وقلّة المساجد فيها، فنحمد الله على ذلك، ولكن سوء استخدام مكبرات الصوت لدى بعض الأئمة في رمضان وبالذات في العشر الأواخر منه وفي صلاة القيام آخر الليل أزعج الكثيرين في بيوتهم بحجة إظهار هذه الشعيرة.. ولي وقفات في ذلك:
1 - الأذان والإقامة كافيان في إظهار شعيرة الصلاة.
2 - النساء في بيوتهن والأطفال والمرضى مَن يدافع عنهم ويكف الإزعاج عنهم.
3 - الرجال الذين لا يشهدون صلاة القيام في المسجد مَن الذي قال بوجوب ذلك حتى نلزمهم بالحضور؟ أو نؤذيهم في بيوتهم؟.
4 - إذا كان ولا بد وأبينا إلا الإزعاج فأقلّ الأحوال أن تُقفل المكبرات الخارجية في دعاء القنوت، فالمتأمل في النصوص الواردة في ذلك من الكتاب والسنّة يجدها تأمر بخفض الصوت في الدعاء، وأن من آداب الدعاء عدم الجهر به، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الأعراف: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (أدعوا ربكم تضرعا وخفية) قيل معناه تذللاً واستكانة كقوله: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ} ثم ذكر قول ابن عباس في (قوله تضرعا وخفية) قال: السر، وقال ابن جرير: تضرعاً: تذللاً واستكانة لطاعته، وخفية، يقول: بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه لا جهاراً مراءاة. ثم ذكر قول الحسن: لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يُسمع لهم صوت إن كان إلا همساً، وبين ربهم وذلك أن الله تعالى يقول: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}. وقد ذكر الله عبداً صالحاً رضي فِعله فقال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا} قال ابن جرير: يُكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء ويُؤمر بالتضرع والاستكانة. جزء 2 ص 221.
وقال السعدي رحمه الله في تفسيره:( (تضرعاً) أي إلحاحاً في المسألة ودؤوبا في العبادة، (وخُفْيَةً): أي لا جهر وعلانية يُخاف منها الرياء بل خفية وإخلاصاً لله تعالى. {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} أي المتجاوزين للحد في كل الأمور، ومن الاعتداء كون العبد يسأل الله مسائل لا تصلح له، أو يتنطع في السؤال أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه). انتهى كلامه ص 291.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبّرنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس إربَعُوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً ولكن تدعون سميعاً بصيرا).
قال ابن حجر رحمه في فتح الباري: (إربَعُوا) أي ارفقوا ولا تُجهدوا أنفسكم.
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: إربَعُوا: معناه ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبُعد من يخاطبه ليسمعه وأنتم تدعون الله تعالى وليس هو بأصمّ ولا غائب بل هو سميع قريب.
5 - معظم الناس الذين يتأذّون بالإزعاج والأصوات العالية يُحجمون عن مخاطبة الإمام بذلك ويُسرون ذلك في أنفسهم خوفا من اتهامهم في دينهم، وأعرف شخصاً يعلن حالة الطوارىء في العشر الأواخر من رمضان ويفكر كثيراً بالرحيل من منزله في هذه الأيام الفاضلة.
6 - إني أناشد الأئمة أن يتقوا الله في أنفسهم ويراعوا جيرانهم ولا يتقربوا إلى الله بشيء يؤذون به إخوانهم ويقعون في محذور شرعي ربما كان سبباً في رد دعائهم.
7 - تُشكر وزارة الشؤون الإسلامية فهي كل سنة قُبيل رمضان ترسل التعاميم إلى أئمة المساجد بعدم السماح بتشغيل مكبرات الصوت الخارجية ولكن للأسف مآلها عند البعض تحت الفُرش أو بين الكتب وربما لا يطّلع عليها، لكن لو أوقفت مكافأة شعبان إلى بعد رمضان ليُحسم على المخالفين لكان لذلك أثر بالغ فإن الوزارة (لَتزَعُ بالمال ما لا تَزَعُ بالتعاميم) وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، ورزق الله أئمة مساجدنا الإخلاص والتجرد من الهوى وتقبل منا ومنهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved