عقدت الندوة الدولية الأولى للتوحد واضطرابات النمو المماثلة في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بمدينة الرياض خلال الفترة من 13-15 شعبان (27-29 سبتمبر 2004م) تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، بعد أن صدرت موافقة المقام السامي الكريم على تنظيمها من قبل الجمعية السعودية الخيرية للتوحد وكلية الطب بجامعة الملك سعود، وهكذا تحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على تشجيع ودعم البحث العلمي وخاصة في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم فئة التوحد التي حظيت باهتمام خاص تمثل في التوجيه الكريم بتشكيل لجنة من الجهات ذات العلاقة لدراسة وضع هذه الفئة وتقديم الرعاية اللازمة لها، وعمل بحث وطني شامل في هذا المجال وافتتاح ثلاثة مراكز بالمملكة لذوي اضطرابات التوحد.
ولقد تميزت هذه الندوة الدولية بتشكيل اللجنة العليا المنظمة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز، رئيس مجلس ادارة الجمعية السعودية الخيرية للتوحد الذي لخص اهداف الندوة في (السعي الى الاستفادة من معطياتها في كل ما يعود بالنفع على هذه الفئة الغالية وأسرهم والمتخصصين والعاملين في مجال التوحد سواءً في المملكة أو في أي بقعة من بقاع العالم تأكيداً على أهمية إثراء جوانب العلوم والمعرفة الإنسانية.
وتجلى التميز في الاعداد والترتيب والتنظيم لحفل الافتتاح الذي شرفه سموه بحضور معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية ومعالي مدير جامعة الملك سعود وقدمت فيه كلمات علمية ألقاها كل من عميد كلية الطب الاستاذ الدكتور/ محمد المقيرن، ثم أمين عام الجمعية السعودية للتوحد الدكتور/ طلعت الوزنة، فكلمة ممثل الأمم المتحدة للمعوقين وحقوق الإنسان وكلمة الأمهات، وكان مسك ختام هذا الحفل البهيج كلمة قيمة من سموه الكريم.
ان علامات النجاح المتميز في تنظيم ندوة عالمية كهذه ظهرت واضحة جلية في تسجيل اكثر من الف مشارك في الندوة، وحضور نسبة كبيرة جداً من أولياء الأمور وخاصة من الأمهات اللائي أثرين الندوة بالمداخلات والمناقشات ووصف المعاناة وتقديم الآراء القيمة والبحث عن أحدث المعلومات وأدق التفاصيل الطبية والتربوية والاجتماعية والتأهيلية والتوظيف، وكافة أنواع الرعاية الشاملة التي يطمح اليها كل ولي امر حريص على ابنائه، وقد اتحد الجميع على مواجهة التوحد والتصدي للمشكلة، كما ظهرت علامات نجاح الندوة في المشاركين من الدول العربية الشقيقة الذين تجشموا أعباء السفر لتقديم ما لديهم من دراسات وإثراء الندوة بالنقاش المداخلات، والاستفادة من فعاليات الندوة إضافة إلى مشاركة نخبة من الخبراء الدوليين في هذا المجال من السعوديون والعرب ومن اوروبا وامريكا الذين قدموا دراسات وبحوث قيمة، ونفذوا ورش العمل التي أعدت بعناية واكتمل التسجيل فيها قبل بداية الندوة، وقاموا بعقد جلسة خاصة التقوا فيها بالحضور واستمعوا إلى سيل من الأسئلة والنداءات التي ركزت على ضرورة تقديم خدمات شاملة لذوي اضطراب التوحد بمختلف أعمارهم وجنسهم وجنسياتهم ودرجة اعاقتهم.
اما التميز الإعلامي فقد ظهر في المطبوعات والكتيبات والإعلانات التي طبعت باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى المعرض المتنوع، والتسجيل التلفزيوني للجلسات والحلقات والورش، اضافة الى تواجد مندوبي الصحف العربية والأجنبية ونقل وقائع الندوة حية عن طريق الشبكة المعلوماتية (الإنترنت) ويعزز هذا تعاون متكامل بين لجنة العلاقات العامة واللجنة الإعلامية واللجان العاملة الأخرى.
وانتهت هذه الندوة بتوصيات ركزت على الموضوعات الأبرز والأهم لصالح ذوي اضطرابات التوحد وأسرهم، والعاملين معهم، وأن الأولوية للتشخيص السليم ثم التعليم والتأهيل والتدريب، والاعداد الأكاديمي للعاملين مع هذه الفئة، وأن المشاركة الأسرية من الأبوين معاً جزء لا يتجزأ من التعليم والتأهيل والتدريب، وأن على الجمعية العبء الأكبر في التوعية وايصال صوت الخبراء والمختصين وأولياء الأمور إلى الجهات المعنية والى رجال الاعمال الراغبين في البذل والاحسان لوجه الله تعالى لايجاد وقف دائم وقنوات دعم مادي للجمعية، وتوفير مصادر للإرشاد الأسري وقاعدة معلومات للباحثين والمهتمين، والتعاون المستمر مع المراكز المتخصصة في الدول المتقدمة في هذا المجال.
وفي الحقيقة نقول: إن نجاح هذه الندوة وإخراجها بهذا المستوى الرفيع يعود إلى اهتمام سموه الشخصي ودعمه المادي والمعنوي للنهوض بالجمعية السعودية للتوحد التي يتسنم سموه رئاسة مجلس ادارتها منذ ولادتها، وهكذا تساهم الجمعية في نشر التوعية والتعريف بالأبحاث والدراسات العلمية الحديثة في هذا المجال بمنطقتنا العربية، وتسليط الأضواء على قضية هامة جداً تقض مضاجع الأسر التي تعاني من وجود طفل توحدي أو أكثر، ولا تجد مكاناً متخصصاً لتشخيصه وتحديد سبب اضطرابه ويقدم له العلاج والتعليم والتأهيل.
ويبقى مطلب يهم الجميع وهو أن تترجم جميع الدراسات التي قدمت باللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية ثم تطبع في كتاب يضم جميع ما تم عرضه وتقديمه في الندوة، وورش العمل ليكون وثيقة علمية يستفيد منها المهتمون في هذا المجال، وأن تتحول التوصيات إلى برامج عمل تشارك فيها القطاعات المعنية (حكومية وأهلية وجمعيات خيرية).
وفي الختام، فإن هذا النجاح الكبير يجعلنا نتقدم بالتهنئة إلى اولئك العاملين المخلصين الذين اعطوا الكثير من الوقت والجهد والفكر والدعم بكافة انواعه من الأمراء الكرام والأميرات الفاضلات ومنسوبي الجمعية والمشاركين في التنظيم والتنفيذ والإشراف وإلى كل من حضر الفعاليات وورش العمل، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
(*) الأمين العام للتربية الخاصة |