ما أجمل الكلمات التي نرصفها على سطور الورق وهي تنتشي مرحا بقدوم الشهر الخير الكريم.. وما أتعس العبارات التي نرطبها بدموعنا ونحن نودع أفضل الشهور.. شهر رمضان المبارك، ها أنت تعود إلينا راكضا وتقدم علينا مسرعا ونحن المسلمين جميعا فرحون بقدومك، سنفرش دروبك عطراً وريحانا وسنشعل المباخر ونفتح أبواب المساجد ونضيء المصابيح ونحيي ليلك بتراتيل آيات من الذكر الحكيم، ليلك سنملؤه ذكراً وصلاة وعبادة سيقف الجميع بمشيئة الله خلف الإمام تنتظم بهم صفوف المساجد في تضرع وخشوع تجمعهم صلاة التراويح والتهجد وتحيي قلوبهم وتخشعها ترانيم وتراتيل الآيات وهي تنبعث من محاريب المساجد في موقف خاشع {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} وفي طمأنينة تلف المكان {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
نهارك صيام عن الأكل والشرب وصيام عن قول الزور والغيبة والنميمة وعن الثرثرة وعن كل محرم فوقتك ثمين والحسنات فيك مضاعفة فأنت نعمة وفرصة لنا ومحطة للتزود وبذل الخير فالشياطين مصفدة والملك ينادي (يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أحجم) الجنة التي أعدت للمتقين فتحت أبوابها والنار التي توعد الله بها العصاة والكافرين أغلقت أبوابها.
ايامك مقسمة ما بين مغفرة ورحمة وعتق من النار.. ليس فيك تكاسل أو ملل فالجميع مشمرون يتزودون من معينك وينهلون من ينابيع خيرك وكرمك فطوبى لمن أدركك وصامك إيمانا واحتسابا (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
رمضان .. هؤلاء قوم - نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا منهم - وفقوا لصيامك وقيامك وملأوا أيامك بالخير والعبادة.. لكن هناك قوم آخرون فرحوا بك واستقبلوك بطريقة مغايرة للفئة السالفة استثمروا أيامك ببرامج ساقطة ومسلسلات منحرفة صالات الغناء والرقص والعري وهز الوسط فتحت أبوابها وأعلنت عن بداية عروضها، ومؤسسات ورعاة رسميون على أهبة الاستعداد وينتظرون بداية الانطلاقة لبث عروضهم وبرامجهم السافلة.. مستعدون لاحياء الليل بالعبث واللهو واللعب وإماتة النهار بالتدثر والتلحف بالفرش (الوثيرة) هكذا حياتهم وهذا ديدنهم وتعاملهم مع شهر الكرم والبركة عبث بالليل ونوم عميق طيلة النهار.
رمضان.. هؤلاء فئتان يقفون على (أمشاط أرجلهم) يترقبون قدومك فنسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من فئة الحياة الفئة الأولى لا من فئة الموت الفئة الثانية.
|