فهد بن عبد العزيز رمز الثبات على المبادئ، خدم الحرمين بالقول والفعل وتلقَّب بخادم الحرمين الشريفين، فمرحباً بذكرى بيعة خادم الحرمين الشريفين، فهي ذكرى عطرة ليوم نعتز به، نعم إنه يوم جلوس خادم الحرمين الشريفين على كرسي الملك، ففي ذلك اليوم تقاطرت الجموع من كل أنحاء المملكة مبايعةً فهد بن عبد العزيز ملكاً للبلاد وقائداً أعلى للقوات المسلحة، ومنذ ذلك اليوم قبل نيف وعشرين عاماً والبلاد تستقبل الذكرى في كل عام، تستقبلها بمنجزات جديدة، فلا يمر عام إلا والتقدم الملموس في البناء يظهر للرائي في المنجزات المختلفة. لقد قاد خادم الحرمين الشريفين السفينة في خضم أمواج عاتية تمثَّلت في حرب الخليج الأولى وما تبعها من ذيول، كان أقربها أحداث أحد عشر من سبتمبر، ثم الحروب في أفغانستان والعراق، والمملكة ليست بمنأى عن هذه الأحداث على الرغم من أنها لا تقر أي ضرر يلحق بالآخرين، لقد ابتليت بألسنة الإعلام المختلفة من مشاهدة ومكتوبة، ورميت بالأقوال والأفعال من خلال الأعداء وبعض أبناء الوطن على حد سواء، ولا زالت شظايا الأعداء وبعض أبناء الوطن تحاول النيل من الوطن، كما تحاول إيقاف التنمية عن طريق التحريض في الإعلام، أو عن طريق التفجيرات الظالمة التي أودت بحياة بعض المواطنين والمقيمين. إن قيادة السفينة في هذه الأجواء المشبعة بالعداء والاعتداء أمر صعب، ومع ذلك سارت السفينة ونما الاقتصاد، بل إن الفائض وجّه إلى تنمية البلاد والتوسع في المشاريع، وإيجاد أعمال للشباب، لقد ثبت الأمن والدليل على ذلك صيانة المنشآت من أي اعتداء، فمنشآت النفط تؤدي عملها بكل اقتدار، ودخل البلاد العام - ولله الحمد - في ازدياد، لأن المصانع مصونة وطرق الحج سالكة والتجارة في نمو وازدهار، وطالب الرزق من مواطن ومقيم يسعى إلى رزقه في أمن، فهو مصون في نفسه، وعرضه، وماله، فالشكر لله سبحانه وتعالى، ثم لخادم الحرمين الشريفين.
إن الأحداث الأخيرة دفعت المواطنين إلى تجديد البيعة، ولذلك نشاهد كل يوم الوفود تفد على ولاة الأمر، معلنين الولاء للقيادة من جديد، ومؤكدين على إنكار التفجيرات، وإنكار الفتاوى التي تبيح قتل المواطنين والمقيمين، لقد بدت المواطنة أقوى مما كانت، فالمواطنون نسيج واحد، متماسك الأرجاء لا ينال منه الإفساد، فالقلوب مع القائد، وأصحاب الشر لم ينالوا خيراً، إن دعاة الفرقة والإفساد في الأرض يظهرون في كل زمان ومكان، فالدولة الأموية التي شملت جل العالم المعمور، فهي تمتد من الصين شرقاً إلى فرنسا غرباً، ومن نهر الفلجا شمالاً إلى منابع النيل جنوباً، هذه الدولة العظيمة قامت في وسطها حركات للخوارج، دام بعضها عشرين سنة، والبعض الآخر أقل من ذلك، كل ذلك والدولة قائمة، والفتوح مستمرة، (لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى)، فهذه سنة الحياة. إن التفجيرات التي شهدتها بلادنا في هذه السنة لم تؤثر في خطط التنمية، فخطط التنمية سائرة في طريقها، فالتعليم في توسع، فأعداد الطلاب والطالبات تثبت ذلك، وقد شهدت البلاد توسعاً غير مسبوق في التعليم الأهلي، على مستوى التعليم العام، والتعليم الجامعي، والمعاهد المهنية، ومعاهد تدريس اللغات، والحاسب الآلي، كل ذلك يدل على التوسع في التعليم في أنماطه المختلفة، الملبية لمتطلبات التنمية، فالشباب والشابات في تسابق إلى المعرفة، التي تلبي خطط العمران والتجارة، والصحة، وغيرها. والتوسع في المستشفيات والمستوصفت دفع رجال الأعمال إلى إنشاء الكليات الطبية، وخطط العمران سائرة في طريقها، فالتوسع العمراني في المدن والقرى منظور للجميع، فالمدن برزت فيها الأبراج العالية، التي أصبحت أهم معالمها، والأسواق الجامعة التي تلبي ما يتطلبه المسوق، والطرق الواسعة، فمظهر المدينة مظهر حضاري بكل ما تعنيه هذه الكلمة، والقرية خلعت ثوبها القديم المتمثل في بيوت الطين والحجر، ولبست ثوب المدينة، فالقرية اليوم مدينة صغيرة، تتمثل فيها المدينة في الشارع والبيت والسوق. إن تنمية البلاد سائرة في طريقها؛ في النواحي الزراعية، والصحية، والنقل، والطرق، والكهرباء، والماء، وغير ذلك.
إن عهد خادم الحرمين الشريفين حافل بالأعمال الجليلة، حيث برز نظام الحكم، ونظام المقاطعات، بما يحويه من مجالس الإمارات، ومجالس المحافظات، وسوف تشهد البلاد بعد أيام قليلة انتخابات المجالس البلدية وهي تجربة تخوضها البلاد أول مرة، فهي من منجزات العهد الميمون. وتجديد مجلس الشورى كان له الأثر الكبير في دراسة الأنظمة والتوصية بإقرارها، وقد أصبح سنداً لمجلس الوزراء. والهيئة العليا للسياحة من منجزات هذا العهد الزاهر، فهي نافذة جديدة فتحت للمواطن، ليتوسع في كسب رزقه، وقد لحظنا إقبال المواطنين على المناطق المخدومة سياحياً، مثل الطائف، والباحة، وأبها، والمنطقة الشرقية، فالشقق المفروشة والفنادق والمطاعم مجالات لعمل المواطن، وكسب المستثمر، وكلما ازدهرت السياحة اشتغل المواطن وقلَّت البطالة. إن النمو المطرد في مجالات التنمية المختلفة دليل على سير البلاد في الطريق الصحيح، فالعزمات المتتابعة جلبت الرخاء الذي يشهده المواطن والمقيم، ومصداقية الدولة تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية أكسبتها الاحترام، فوقوف المملكة مع قضية فلسطين، ودعمها لإخواننا في الأرض المحتلة ثابت، منذ عهد الملك عبد العزيز إلى عهد خادم الحرمين الشريفين، والقضايا الإسلامية تحظى بالاهتمام من لدن خادم الحرمين الشريفين. ومع تحقق الكثير من الإنجازات يبقى التطلع إلى المستقبل، فوزارة التخطيط تخطط لمستقبل التنمية في مجالاتها المختلفة، فطموحات البلاد لن تتوقف، مهما تحقق من الإنجازات.
تهنئة لخادم الحرمين الشريفين بهذه الذكرى العطرة، أعانه الله على الأعباء المنوطة به وسدد خطاه وألبسه ثوب الصحة والعافية.
|