من البدهيَّات العمل في أيِّ مجال أن يلمَّ المنتمي إليه بالحدِّ الأدنى من أسس المهنة، إمَّا عن الدراسة أو الخبرة المدرَّبة.
والخبرات المنظمة تقدَّم في المؤسسات المختصة ضمن برامج معدَّة لها بحيث تبنى فيها الخبرات، بعضها يفضي إلى الآخر في تدرج معرفي لا يتحقَّق له الثبات إلاَّ بقياس مدى اكتساب الفرد لهذه الخبرات، وفي مجال الإعلام يكون محكُّ التأكد هو (الميدان)... فالعمل الإعلامي يرتكز على معرفة وأداء...
ولا أحسب أنَّنا هنا ننظُر لما هو بدهي، إلا أنَّ المجال في الإعلام يتقبل ذوي الرَّغبة والموهبة ويزجُّ بهم في معترك التجربة، وعادة تأخذ التجربة الميدانيَّة في المهنة وقتاً وتحتاج إلى مواقف مضادَّة كي يكتسب فيها الممارس الأصح والأصوب والأفضل، ولذلك فإنَّ الدِّراسة المنهجيَّة في المجال تعين الممارس على تجاوز (مدة) التجربة إذ تقوم ممارسته على التطبيق لما خبره عبر الدراسة المنهجيَّة.
ويتاح ذلك في مجتمعنا على (ضيق) نطاق (تخصُّص) الإعلام في الجامعات على العنصر (المذكَّر)، بينما لا تتاح الدراسة في هذا المجال للعنصر (المؤنَّث) ولا يواكب ذلك الإقبال الكبير من قبل النِّساء على العمل في (المهنة) الإعلاميَّة لذلك يكون (الفراغ) الذهني والإلمام (المعرفي) بقواعد وأسس المهنة، ومع ذلك نجد منهن من تكتسب الخبرة، وتبقى لديها جوانب كثيرة في أسس العمل ومفاهيمه وآلياته قاصرة عن مواكبة (المفهوم) و(الدور)، ويضيف العمل في المجال الإعلامي على الشخصية نوعاً من الهالة التي تثير في النفوس وهجاً خافتاً لكنَّه قويٌ في تأثيره المنعكس على (سلوك) الإعلامي في محيطه الخاص أو العام.
ويبقى الممارس في المجال يحتاج إلى تدريب، ذلك لأنَّ الرغبة وحدها ليست طوق النجاة ولا جسر الوصول كما كان قبل عقود من الآن، ذلك لأنَّ التَّطور الذي لحق بجميع مجالات (العمل) و(آلياته) بما فيه مجال الإعلام من السّعة، والتنوُّع، والآليَّة، والتِّقنية، والفنيِّة، والحرفيِّة بحيث لم يعد يتقبَّل أمر (الفراغ) الذهني من معرفة خطوات البدء وكيفية الأداء، وأسلوب السُّلوك، فالصحفي على سبيل المثال عند (الأحداث) على اختلاف مفهوم (الحدث) الذي لا يتوقف عند (الأخبار) الحركيَّة، يحتاج إلى معرفة درجة الأهميَّة، وتهيئة (الحضور) وأسلوب (النَّقل)، و(زمانية) التَّنفيذ، بل كيفية (النَّشر) أو (الإذاعة) عرضاً أو تحليلاً، تنفيذاً أو اختصاراً، على (ما هو) أو الإضافة إليه، عودة إلى خلفيات، أو إلى مصادر بشريَّة أو معلوماتيَّة.
بينما نجد الكثير والكثيرات ممن يتعاملون مع (الحدث) باختلافه وعلى وجه التَّحديد (الصحافيَّات) يعتمدن على (ملفَّات) جاهزة تقدم إليهنَّ عند (الحدث) يعتمدن عليها ومنها تتكون (المادَّة) الإعلاميَّة التي يقدمنها (للنشر) وحين لا يتحقق لهنَّ وجود مثل هذا الإعداد المسبق من جهة (الحدث) أو (صاحبه) يأتي ما يقدمن مبتوراً مبتسراً، وفي كلِّ الحالات يعتمد على (الانطباع) الشخصي وفي ذلك مساس بأخلاقيَّات وأدبيَّات المهنة.
|