Sunday 17th October,200411707العددالأحد 3 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

مستعجل مستعجل
الإرهاب والاحتلال والعنف والسلم..
عبدالرحمن بن سعد السماري

مثلما أنه لا أحد يؤيد الاحتلال وتجييش جيوش لاحتلال أرض أو دولة أو جزيرة.. أو جزء من مدينة أو مدن.. أو أي مساحة كانت تخص الآخر.. فإنه أيضا.. لا أحد يؤيد العنف والإرهاب وقتل البشر.. وبالذات المدنيين.. وإن كان هناك خلاف أو شبه خلاف.. حول المقاومة المشروعة وخلاف أيضاً.. حول مشروعيتها.. وحول تعريفها وضابطها.
** احتلال العراق.. أدخل الأمة في مشاكل لا أول لها ولا آخر.. وأدخلها في متاهات وذبح وقتل وتشريد وتيتيم وترمل وسفك دماء.. وهدم مدن بأكملها.. وترويع للآمنين.. مثلما أدخل أفغانستان منذ أكثر من ربع قرن وحتى الآن.. في دوامة فوضى وعنف وإرهاب وفقر وجوع ومرض.. وهكذا الصومال وبعض الدول الأفريقية المتقاتلة.
** لا أحد يؤيد العنف أبداً.. بل هو عمل مقزز مرفوض ثمنه موت البشر.. وثمنه تضييع الأمن والاقتصاد.. وثمنه.. ترويع البشر وفساد إعمار الأرض.. وثمنه حياة غير آمنة.. وغير مستقرة.
** لا أحد.. يؤيد العنف.. لأن من رأى أشلاء الموتى والجرحى والدماء تسيل..
** ومن رأى.. أنين الثكالى وصياح الأطفال..
** ومن رأى.. الدماء والخراب والفساد..
** ومن رأى.. المدن كيف تتهدم.. لا شك أنه سيقول.. لا.. للعنف.. ولا.. للإرهاب.. ولا.. للدمار.
** اليوم.. نعايش عنفاً.. وعنفاً مضاداً..
** نعايش.. إرهاباً.. وإرهاباً مضاداً.. مثلما نعايش مقاومة مشروعة ودفاعاً عن الدين والوطن والعرض في فلسطين والعراق أيضاً.
** فلسطين الجريحة.. قدَّمت آلاف الشهداء وأضعافهم من الجرحى..
** وفلسطين.. صمدت لسنوات وسنوات.. ولقنت الغاصب المعتدي.. درساً.. ولقَّنته أصناف العذاب.. ولم يهدأ ليلة واحدة.. بل طاردته حتى خارج وطنه.. وهو هناك.. أسوأ.. من أن يعيش في حالة بين الحرب والسلم.. فلا حرب ولا سلم.. هذه هي عيشة اليهود اليوم داخل الأرض المحتلة.. وهذه مع الأسف.. عيشة الأمريكان والبريطانيين داخل العراق.. فلا سلم.. ولا حرب.. ولا راحة.. ولا استقرار..
** يخرج الجندي من خندقه أو كتيبته ويسير في الشوارع.. وهو يجزم أو يكاد يحزم.. أنه لن يعود.. أو على الأقل.. سيتعرض الى وابل من الرصاص القاتل.. وهكذا كل الجنود في أرض العراق.
** واليهودي اليوم.. يعيش الرعب نفسه.. داخل الأرض المحتلة وليس الجندي فقط..
** يبدو لي أن القضية لم تعد قضية إرهاب وإرهابيين.. ومخططات وعنف.. بل هناك ضغط غريب لاستمرارها.
** نحن لا نؤيد مثلاً.. انسحاباً سريعاً من أرض العراق للقوات الغازية.. لأن وضع العراق ما زال مرتبكاً وغير مرتب.. والوضع لا زال يشوبه شيء من الفوضى والضياع.. والأمور لن تنضبط بتلك البساطة التي يتخيلها البعض.. بل تحتاج الى ترتيب واعداد جيوش.. واعداد شرطة.. واعداد خطط وترتيب أوضاع.. ولذلك.. فالمنادون بسرعة رحيل المحتل.. إما أنهم جهلة.. أو خبثاء لهم أهداف أخرى.. كأصحاب المذهبيات أو المذهبية.. أولئك الذين يظنون أن الأمور سوف تنتقل الى سلطات الحزب بتلك البساطة.. أو أن الحزب سيهيمن على الأوضاع.. دون أن يسبق ذلك.. برك من الدماء.. بل أنهار من الأشلاء والدمار.
** العراق.. يعيش اليوم وضعاً صعباً للغاية.. ولا يمكن لأي عاقل منصف.. إلا أن يتمنى زوال المحتل ولكن قبل ذلك.. يتمنى أيضاً.. استقرار أوضاع العراق وعودة الأمور الى الوضع الطبيعي..
** أبناء المنطقة كلهم أو على الأقل.. أكثرهم.. يتمنون استقرار أوضاع العراق وعودته الى الصف العربي والاسلامي.. سليماً معافى.. ويتمنون زوال الاحتلال ومسبباته.. ولكن قبل ذلك.. يتمنون عودة العراق الى وضعه الصحيح.. ووجود مؤسسات الدولة مكتملة.. ووجود جيش وشرطة ونظام يضبط أوضاعه.. حتى لا يتحول الى صومال أو أفغانستان أو بورما.. أو أي بلد فوضوي آخر.. وحتى لا يقول أحد.. أين صدام.. وأين نظام صدام؟
** هناك من يقول.. إنه مات من العراقيين منذ سقوط صدام وحتى اليوم.. أكثر من الذين ماتوا على يد نظام صدام الدموي أضعاف المرات.. وهذا قد يبدو صحيحاً.. ولكن الإرهاصات التي يمر بها العراق اليوم.. يبدو في ظاهرها.. إرهاصات شبه طبيعية تسبق الحالة الطبيعية لأن هناك من يظن أن الأمور لن تستقر حتى يُطرد كل الأمريكيين وغيرهم.. وهناك من يظن.. أن الفوضى كانت بسبب الجيوش الغازية.. وهذا.. له درجة معقولة من الصحة.. ولكن الحقيقة.. أن الفوضى يصنعها كل فوضوي.. وكل من يريد الفوضى.. سواء كان عراقياً أو أمريكياً أو غيرهما.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved