Sunday 17th October,200411707العددالأحد 3 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

باختصار باختصار
بأثر رجعي!
نورة المسلّم

كنت وإلى وقت قريب أرهن عقلي لما أرى وأقرأ كي أعود إليه، من خلال جمعه في قصاصات عله يزودني بفائدة ما، أو حتى أجد به مفتاحاً إلى فكرة تائهة.
تجمعت لدي هذه القصاصات، وتكومت أطرافها المشرئبة والذابلة، بينما نسيت تماماً أنني هجرتها وحبستها في مكان ما في بيتي.
وعندما عدت إليها ذات يوم وجدت أنها قد ذهبت مع الوقت بأوانها، وأن الكتابة مثلاً عن حدث مرّ عليه فترة من الزمن، أمر سيمطر عليّ السخط والمقت، وأن فائدة أخرى كادت تتلاشى هي فهم ما يحدث، بينما كان الأكيد في الأمر أن قراءة معلومة ما أمر غير قابل للثبات، كما هو الحال في كثير من الأحداث وحتى أمزجة الناس أحياناً.
تفاوت الزمن والمعلومة والأحداث الحبلى بالكوارث كلها أمور تعيش شيئاً من الاضطراب والقلق، ولو اعتبرنا أن مفكراً ما يطرح نظرياته، أو شيخاً يصدر فتواه، أو عالماً يسجل سابقة في اختراع، أنها جميعها قابلة للذوبان والتعديل وتحويل المسار لشعرنا فعلاً أننا نعيش على حافة عالم موشك على الانهيار.
إن عملية التحول السريع أو (المفبرك) في العرف الإعلامي هي إحدى كوارث عصرنا، فلم يعد المرء قادراً على التمييز أو حتى الاستناد إلى حقيقة؛ إذ يجب عليه التقصّي والبحث عن مصادر عدة توجّج حجته أو تجعل طرحه مقبولاً وموثقاً، وما هذه الجدليات والفرضيات المتحركة والمتلونة مؤخراً إلا خير دليل على هذا التخبط.
قد يقودني هاجس إلى أمر شبيه لذلك، وهو أن التراجع بالأفكار، ما كان شخصياً منها أو عاماً، يخضع إلى رقيب قويّ يحرك اتجاهات العالم، بينما يكون هذا (الرقيب) غافلاً أو نائماً لحظة صدور مثل هذه التصريحات التي تصبّ في وريد التلقي لا سواه، في حين نجد أن أكثر الأمور صرامة تجاه حالة التبدّل العامة هذه هي الأحداث التي تنتهي بالفواجع، وعلى رأسها الموت، فهو بكل أسى النهاية الوحيدة التي لا ينوب عنها متحدثون أو متراجعون، أو حتى مغلوبون على آرائهم!
أعود إلى حالة اندثار (قصاصاتي) واصفرارها بتأثير الوقت وحده، وأجد أنها فائض لا يستحق الاعتبار، بعد أن وجدت من قراءة سريعة لبعضها أن الأمور في أكثرها قد تبدلت، وأصبح مجرد الرجوع إليها أشبه بالنكتة، منها على سبيل المثال (تصريحات المفتشين في العراق السابق)، (تصريح للبطل منقاش الذي أسقط طائرة ببندقيته).. يبدو أن معظم ما يحدث متفق على التراجع تحت مؤثر رجعي؛ كون مثل هذه الأخبار العاصفة والمتلونة لا تنتهي، ولن يشفع لها جبروت هذا الزمن في أن تعبر وتدوم على ثباتها، بل يحولها ويجعلها حالة متندرة هي من ضحكت علينا في النهاية قبل أن نضحك عليها!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved