اطلعت على ملامح استراتيجية الهيئة العامة للاستثمار للسنوات الخمس القادمة التي أُعلنت الأسبوع الماضي خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر الهيئة ونُشرت في العديد من الصحف المحلية. وقد بَدَتْ شاملة وواضحة ومحددة المعالم ومترجمة لرؤية ورسالة الهيئة. وقد تضمنت الاستراتيجية ستة أدوار رئيسية سيتم التركيز عليها في المرحلة القادمة، وهي: تقديم خدمات وتسهيلات شاملة للمستثمرين، والتسويق الخاص بالفرص الاستثمارية ذات المميزات التنافسية، والعمل نحو تنمية إقليمية متوازنة، وإيجاد مستثمرين جُدد، وتنمية قطاعات محددة، وأخيراً تحسين المناخ الاستثماري عن طريق العمل على مواءمة الأنظمة والإجراءات لمتطلبات المناخ الاستثماري الصحي الجاذب للاستثمار في عصر العولمة الاقتصادية.
ويتضح من خلال المبادرات المطروحة والمشار إليها أعلاه عزم الهيئة الجدِّي نحو جذب وتشجيع الاستثمار الأجنبي للمملكة، ومحاولة تغيير الصورة التي أخذت عن الاستثمار الأجنبي، وذلك من خلال إزالة جميع المعوقات التي كانت تحول أمام العديد من مشاريع الاستثمار الأجنبي، كذلك السعي بشكل جدي لتسويق وترويج الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة وإيصال رسالة للمستثمرين الأجانب بأن أرضنا أرض خصبة للاستثمار، وأن لدينا مقومات ومزايا نسبية لا تتوفر لدى الغير من الدول الأخرى.
ولكي تضمن نجاح استراتيجيتها الجديدة فإن الهيئة مطالَبة باستخدام جميع القنوات الإعلامية والوسائل التسويقية نحو الترويج للاستثمار داخل المملكة، وكذلك القيام بما يلزم من اتصالات في الداخل والخارج لاستقطاب مستثمرين للاستثمار في الفرص المرتبطة بالمزايا النسبية في المملكة. فالمستثمر لن يأتي إلينا، بل على العكس نحن مَن يجب أن يذهب إليه وتشجيعه على الاستثمار في المملكة. فنحن بحاجة إلى استرجاع واستقطاب جميع الأموال المهاجرة للخارج التي كما أشار محافظ الهيئة تقدَّر بحوالي 68 مليار ريال، منها 18 مليار ريال استثمارات السعوديين في الخارج و50 مليار ريال تحويلات العاملين في السعودية للخارج. أليست بلادنا أحق بتلك الأموال المهاجرة من ذهابها للخارج؟!
أعجبني تصريح محافظ الهيئة الأستاذ عمرو الدباغ للصحافة بأن دور الهيئة لن يقتصر فقط على منح التراخيص الخاصة بالاستثمار الأجنبي، بل سيتعدى ذلك إلى السعي نحو إنهاء كافة الإجراءات داخل الجهات الحكومية نيابة عن المستثمر. وهذا إن تمَّ فعلاً فهو يمثل خطوة متقدمة جداً نحو إزالة أحد أهم عوائق الاستثمار الأجنبي الذي يواجهه المستثمرون الأجانب عند محاولتهم الدخول للأسواق السعودية.
ويجدر بنا الإشادة بأبرز منجزات الهيئة خلال الفترة الماضية والمتمثلة بتوحيد معاملة المستثمر الأجنبي بالسعودي، ومنح تسهيلات لدخول رجال الأعمال الأجانب للسعودية، وتخفيض ضريبة الأرباح من 45% إلى 20% التي مما لا شك به ستسهم وبشكل كبير في تدفق الاستثمارات الأجنبية للسعودية.
كما لا يفوتني أن أشيد بموقع الهيئة الإلكتروني على شبكة الإنترنت الذي يعدُّ واحداً من أفضل المواقع الوطنية التي تتيح لأي شخص، سواء كان مواطناً أم مقيماً أم مستثمراً أجنبياً، كماً هائلاً من المعلومات القيمة الحديثة عن المملكة فيما يتعلق بأنظمة الاستثمار والخدمات المقدمة للمستثمرين وإجراءات التأسيس وغيرها من الأخبار الاقتصادية المحلية والعالمية، وهو بالفعل يعدُّ مرجعاً لأيِّ مستثمر يرغب في الاستثمار بالمملكة.
وبإعلان الهيئة لاستراتيجيتها تكون قد خطت خطوات متقدمة للأمام في سعيها نحو تشجيع الاستثمار الأجنبي في المملكة، مع السعي نحو توفير مناخ استثماري صحي جاذب للاستثمارات. إلا أن التحدي الذي ستواجهه الهيئة هو ترجمة الأدوار الستة التي تضمنتها الاستراتيجية إلى أعمال من خلال وضع خطط واضحة لتنفيذ الاستراتيجية؛ سعياً نحو تحقيق الأهداف العامة للهيئة. وحسب علمي فإن الهيئة قد وضعت خططاً دقيقة لتنفيذ الاستراتيجية مصحوبة بمعايير خاصة بتقييم الأداء التي يطلق عليها (kpi,s). أتمنى في القريب العاجل أن نسمع نتائج إيجابية مع بداية تنفيذ الاستراتيجية.
(*) كاتب ومستشار تسويق
|