Sunday 17th October,200411707العددالأحد 3 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

جاء (رمضَان).. جاء (رمضَان)..
فانتَبهُوا يا (أهل الإحسان)..؟!!
حمّاد بن حامد السالمي

* ها قد حلّ رمضان، شهر الرحمة والتوبة والمغفرة، والعتق من النار، فكل عام وأنتم أيها المسلمون الصادقون في مشارق الأرض ومغاربها بخير وأمن وأمان.
* جاء رمضان، شهر التعاطف والتراحم والبر والإحسان، فانتبهوا يا أيها الإخوة في كل مكان.. حذار أن تغفلوا عن واجب التراحم والتعاطف بينكم.. كونوا عباد الله إخوانا في الله، أنصاراً لله، عُباداً شاكرين لأنعم الله.. كونوا في رمضان وفي غير رمضان، رحماء بينكم، متآخين متآزرين، غير متجافين ولا متباعدين.. لا تنسوا فقراءكم وضعفاءكم.. وتذكروا أن الإحسان، هو صورة من صور العدل التي أمر بها رب العباد بين العباد، فأحسنوا تعدلوا.
* إياكم أن تغفلوا عما في أموالكم، من حق معلوم، للسائل والمحروم، اجعلوا هذا الشهر الكريم، موسماً للخير والألفة والمودة، مدوا جسور الحب بينكم وبين أهلكم في المدن والقرى والأرياف والبوادي، في كافة أرجاء مملكتكم الجميلة الرائعة، لا تجعلوا بينكم وبين إخوانكم وأخواتكم وأهلكم الطيبين وسطاء ليسوا كلهم سواء، فمنهم من قد يستأثر بما أردتم للفقراء والمحتاجين من عطاء، احرصوا قدر الإمكان أن تكونوا شهداء على وصول صدقاتكم وحسناتكم إلى مستحقيها الحقيقيين داخل وطنكم الكبير، وذلك لكي تتحقق أهدافكم النبيلة، فتطمئن لذلك قلوبكم الرحيمة.
* انتبهوا واحذروا يا أيها المتصدقون والمحسنون، ويا مريدي الفضل والخير في أيام شهر الصوم الفضيل ولياليه، وفي بقية الشهور والأيام، انتبهوا وتبينوا حتى لا تصيبوا قوما بجهالة وأنتم لا تعلمون.
* أي والله.. أقولها بصدق وأمانة وتجرد.. انتبهوا واحذروا وتيقظوا، حتى لا تتحول صدقاتكم إلى إساءات، وقد أردتم أن تكون حسنات، وألا تجلب أعطياتكم مضرات، وقد قصدتم بها مسرات.
* إن صدق النوايا وحده لا يكفي لنزاهة المقاصد، ودرء المفاسد، إن أهل الشر دائبون على تصيد الفرص، عاكفون على استغلال أهل الخير كلما تسنّى لهم ذلك.
* ليس منكم من لم ير أو يسمع، عن مآل الكثير من الأموال المنقولة والمنقودة، تلك التي استحوذ عليها نفر من الخوارج أرباب الإرهاب، وقد كانت مخصصة لأوجه خيرية هنا أو هناك، أو قصد بها المحسنون فقراء البلد ومحتاجيه، ولكن الأيدي الآثمة، استحوذت عليها بطرق شتى، فحولتها من قنوات الخير إلى قنوات الشر، ومن إحياء الأنفس إلى قتلها، ومن أمن الناس وإسعادهم، إلى إرعابهم وإخافتهم، فالريال الذي كان يخرج عادة من مكنزه ليطعم جائعا، أو يكسو عارياً، أو يداوي مريضا، أصبح في أيدي المفسدين في الأرض، ريالا إرهابياً فاجعاً، يقتل ضحاياه الأبرياء، بواسطة قنبلة قذرة، أو عجوة مشرَّكة، أو رصاصة غادرة، أو هو يتهادى على ظهر سيارة مفخخة، إلى مجموعة من الآمنين في دورهم، فيدفنهم أمواتاً وأحياء تحت الركام..!
* لا نقول هذا افتراء على أحد.. لا والله.. فالحوادث الإرهابية التي استهدفت بلادنا على مدى ثلاثة أعوام، شاهدة على ما نقول، واعترافات القتلة وأذناب القاعدة من الخوراج الجدد، واضحة جلية، ومشاهد صناديق التبرعات، ورزم الملايين في حوزتهم، تنطق بالواقع، وترسانات الأسلحة والمتفجرات والمعدات، صارخة بذلك، فلا ينقصنا هنا، سوى إحكام المنطق في تفسير الأمور التي لم تعد خافية على ذوي الألباب، وقد رأينا ثم سمعنا، ما ورد على لساني (الرشود والفراج)، في التلفزة السعودية منذ أيام قلائل، من حقائق مؤسفة مؤلمة، تكشف عن استغلال بشع لصناديق التبرعات وأموال الجمعيات، وبطاقات (إفطار صائم)..!
* حتى نسهم باقتدار، في هزيمة الإرهاب في بلدنا الآمن هذا، وجب أن نعمل بفاعلية في تجفيف منابع هذا الإرهاب، سواء كانت فكرية أو مالية، وأن نحذر حيل المحتالين، وتملق المتملقين، وتدليس المدلسين، الذين جعلوا من الدين مطية يركبونها في استغلال واستغفال الطيبين، والاستحواذ على أموال المحسنين، واستخدامها في الالتفاف على الوطن والمواطنين، وطعن الكل بسكاكين تستل من سلال العمل الخيري نفسه..!
* أقول وأكرر، ولا أجد حرجا فيما أقول: إننا شعب طيب، هذا صحيح، ولكن يجب ألا يكون فينا، من تصل به طيبته حد الغفل..! لقدقلت هذا مرات ومرات، قبل الحادي عشر من سبتمبر، وبعد الحادي عشر من سبتمبر، ولطالما تحملت وزر ما أبديت من مصارحة صادقة، ومناصحة خالصة، فقد اتهمني بعضهم - سامحه الله - بالعداء للعمل الخيري، مع أني - مثل كثير غيري - كنت وما زلت أستند إلى تجارب شخصية، ودلائل بينة، منذ العام 1992م، وعندما زرت إندونيسيا عامي 2000م و2001م وقفت على أدلة دامغة رأيتها رأي العين، ولما عدت وكتبت مقالي في هذه الصحيفة، يوم الأحد 10 فبراير 2002م، الذي جاء تحت عنوان (مطالعات ومراسلات ومداخلات)، وعرض لقصة حقيقية تحت عنوان جانبي هو (خيرية سعودية في مهب الريح)، يومها ثار ضدي من كان على رأسه (بطحاء) - وما أكثرهم - فوصلتني رسالة تهديد وتحذير شفهية عبر وسيط، ممن يعنيه الأمر في هذه القصة الحقيقية، رغم أني لم أشر إليه بالاسم في ذلك المقال، لا تصريحاً ولا تلميحاً، ولكنها الثقة الزائدة - على ما يبدو - في نجاعة أسلوب إقصاء (المناكفين) أمثالي، على اعتبار أن مثل هذه المكاشفات في ظنهم، إنما تمس الدين نفسه..! وهذا أمر عجيب ما زال يجري بيننا، دون النظر إلى الفرق بين الدين وأهل الدين، وهو المنطق نفسه الذي منهج لأسلوب العمل الخيري في السابق، دون تمحيص أو مراجعة أو تدقيق، حتى تدخلت الدولة مشكورة منصورة، فأخضعت العمل الخيري كله للرقابة الرسمية، إدارياً ومحاسبياً، ولله الحمد والمنة.
* ليتنا لا نكتفي بالدعم المالي وحده في العمل الخيري الفردي أو المؤسساتي، بل نخطط لمشروع خيري وطني قادم، يقوم على الصدقة الجارية (المستدامة)، التي تطرق أبواب الحاجة الحياتية لمواطنينا، مثل التعليم والتطبيب والتدريب، وحفر الآبار، وشق الطرق، وتوفير الأجهزة التعويضية لمستحقيها، وتأمين الدواء لمرضى السرطان والربو والسكر والدم وخلافه، وفتح معامل أسرية لتعليم الفتيات السعوديات صنعة لبوس، في الخياطة والتطريز والمهن الحرفية المختلفة، والتأهيل المهني لأبناء وبنات الأسرالمحتاجة، وخاصة أبناء وبنات القرى والأرياف والبوادي لكي ينخرطوا في الحياة دون خوف أو خجل أو عقد نفسية، وهذا ليس علينا ببعيد أو مستحيل، إذا توفرت لدينا القناعة التامة، بأن المواطن السعودي وحده، هو الأولى والأحق ببر بلده وإحسان أهله، والعمل على إبعاد وتحييد تلك الأيدي العابثة، التي تعودت الأخذ دون عطاء، أو ظلت تغرف من هنا لتسكب هناك في البعيد..!
* هذه فرصة سانحة لكل ذي بر وإحسان أن يسهم في ترسيخ ثقافة المتابعة من المنبع حتى المصب، لأن الخيرية السعودية التي هي بمئات الملايين، وخاصة في هذا الشهر الكريم، كافية لسد حاجة كل محتاج في بلادنا هذه، لو أخلصنا النوايا، وصدقنا مع أنفسنا، وتلمسنا السبل الجيدة؛ لضمان خيرية جارية غير منقطعة، تؤمن الغذء والكساء والدواء والمأوى، قبل المسجد لأن أرض الله كلها مصلى، وكم من مسجد شيد بجوار آخر، حتى اصطكت أصوات المآذن، وتناقص عدد المترددين على المسجد الواحد.

027361552fax:


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved