Saturday 16th October,200411706العددالسبت 2 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

21 محرم 1392هـ الموافق 7-3-1972م العدد 381 21 محرم 1392هـ الموافق 7-3-1972م العدد 381
الفيصل يلقي خطاباً سياسياً مهماً في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية
جلالته يندد بعدوان إسرائيل على جنوب لبنان ويقول إن ما حدث في باكستان يجب أن يدفعنا إلى التضامن والتضافر

هذا نص الكلمة التي تفضل بإلقائها حضرة صاحب الجلالة الملك فيصل المعظم ملك المملكة العربية السعودية مفتتحا بها مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي الثالث:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الاخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه.
أنه من دواعي سروري واعتزازي ان ارحب بكم - أيها الاخوة - بهذه المناسبة السعيدة وهي عقد المؤتمر الإسلامي في هذا البلد، ولا شك اننا جميعنا نقدر ما يترتب علينا من مسؤوليات تجاه ديننا وعقيدتنا وشريعتنا وأمتنا الاسلامية، والامل بالله أن تكون مجهوداتكم، أيها الاخوة مقرونة بالتوفيق إن شاء الله ، للوصول الى الأهداف النبيلة التي يحض عليها ديننا وتشريعنا، وهي نشر الإيمان بالله سبحانه وتعالى والقيام بما يتوجب على كل فرد منا، وكل دولة، وكل مجموعة في خدمة أمتنا ووطننا الإسلامي، وخدمة كل فرد من أفراد الأمة الإسلامية، وكذلك ان نسعى بقدر إمكاننا لنشر السلام والاستقرار في العالم اجمع، إن شاء الله، وهذا ما يقتضيه ديننا وعقيدتنا وتشريعنا، ولا شك اننا جميعاً نلاحظ ما يبيته لنا أعداء الإسلام وهدفهم هو تحطيم الإسلام والمسلمين حتى لو لم يكن لهم في ذلك مصالح، وإنما الغرض الوحيد هو تحطيم هذا الدين وأهله، وهذه كلها مخططات الصهيونية العالمية التي تهدف الى تحطيم العالم بأجمعه والسيطرة على العالم، ولن يجدوا لهم طريقة إلا طريقة الهدم والتخريب والفساد، وأمامنا اليوم، أيها الاخوة، ما يحدث مما يستهدفون منه تحطيم الإسلام والأمة الإسلامية، فالنكبات التي حلت بإخواننا المسلمين، مثلاً في باكستان، وما يحدث في الفلبين، وما يحدث في بعض الأقطار، سواء في آسيا أو إفريقيا، أو في باقي العالم فهذا يجب أن يكون تنبيهاً لنا لنعمل على ما يجب علينا من تضامن وتضافر وتعاون للوقوف والصمود في وجه أعدائنا، والله سبحانه وتعالى ضامن لنا النصر، ولكن بشرط أن نكون مؤمنين حقاً.
وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} وقال سبحانه وتعالى في موضع آخر: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، هذا حق فرضه الله على نفسه، ولكن المهم أن نكون كما أراد لنا ربنا أن نكون مؤمنين ومخلصين، ونكون كما ورد في الحديث الشريف (والمؤمنون كالجسد إذا شكا منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وكما قال الله سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
فشريعتنا الإسلامية تقتضي منا العمل لما فيه خير المسلمين ولما فيه كذلك خير البشرية، فمن الناس من يحاول أن يشكك المسلمين في تشريعهم، ومنهم من يقول إن التشريع الإسلامي يحول دون التقدم والتطور والقوة، حتى انني سمعت بعض الناس يسأل، هل التشريع الإسلامي يسمح بأن المسلمين يدرسون او يتعلمون او يثقفون الثقافة الحديثة من التكنولوجيا، ومن العلوم الفنية التي تزيد من قوتهم مثل الإلكترونيات وخلافه؟ فقلت إن شريعتنا الإسلامية لا تسمح بهذا فقط، وانما تحض وتأمر به، والله سبحانه وتعالى قال في محكم آياته: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ } ولكن هذا التشكيك يدخل في المسلمين من اعدائهم حتى يصيبوا من هذا أحد أمرين، أما ان المسلم يترك دينه وعقيدته وشريعته واما ان المسلم يتخلى عن العمل في تقوية نفسه وان يفقد الصمود أمام أعداء الإسلام، فاليوم أيها الاخوة نرى ونسمع ونلمس ما تقوم به الصهيونية ضد الاسلام، وضد المسلمين، وضد خير البشرية أجمع.
قبل يومين او ثلاثة صار العدوان الصهيوني على لبنان الشقيق، ما هي حجة الصهيونيين في هذا؟ يقولون لماذا ان الاخوة الفلسطينيين يكافحون ويناضلون في سبيل حقهم، وفي سبيل وطنهم، وفي سبيل كرامتهم فهل يريدون من أي فردٍ في العالم ان يتخلى عن مسؤوليته، ان اخواننا الفلسطينيين ما قاموا بأي عمل إلا دفاعاً عن حقهم المشروع، ودفاعاً عن وطنهم، ودفاعاً عن كرامتهم، ولذلك واجب علينا جميعاً، أيها الاخوة ان نقف بجانب اخوتنا في لبنان، في المقاومة الفلسطينية حتى نمكنهم من ان يصمدوا لأعدائهم وان يكافحوا عن حقوقهم وعن كرامتهم.
والمسألة أيها الاخوة لا تقتصر فقط على اخواننا الفلسطينيين او اللبنانيين، ولكنها تعم كل المسلمين من عرب وخلافهم لان الكل مشتركون في المسؤولية، وثقوا ان العرب لا شك بأنهم في المقدمة بالنسبة لقضية فلسطين، ولكن اخواننا المسلمين لا شك عليهم مسؤوليتهم، لان العرب هم اخوانهم، ووطن العرب هو وطنهم، وقضيتهم قضية حق وعدل ومغلوبين ومعتدى عليهم فشريعتنا وعقيدتنا دائما تحض من يؤمن بالله ان يكافح ويناضل ويرد عدوان كل معتدٍ، وربنا سبحانه وتعالى قال {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ}، فلذلك وجب علينا ان نقف صفا واحدا كالبنيان المرصوص أمام أعداء المسلمين، وأمام الحق والعدالة، ولا شك انني لست أكثر منكم شعوراً بالمسؤولية أو بالواجب علينا جميعاً ولكني أردت ان يفهم العالم ان المسلمين، ولله الحمد اليوم، يدا واحدة وأمة واحدة، والله سبحانه وتعالى وصف المسلمين بأنهم أمة واحدة، وهو سبحانه وتعالى دعانا لعبادته، وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، فنحن ولله الحمد، إذا وفقنا للتمسك بايماننا وبشريعتنا وبتعاوننا فيما بيننا والصمود أمام أعدائنا فهذا من أكبر نعم الله علينا التي توجب علينا الشكر.
ان أكبر نعمة على المسلم ان يكون كما أراد الله له، وهذا ما أراده الله لنا سبحانه وتعالى، ولست في حاجة، أيها الاخوة، ان أكرر عليكم، لأنكم ولله الحمد، على مستوى المسؤولية وتشعرون بواجبكم وما ينبغي على كل مسلم ان يقوم به، ولذلك فنحن نعتبر هذه الخطوات التي خطوتموها منذ اجتماع القمة الإسلامي في الرباط الى الآن انها بحول الله ان شاء الله، خطوات موفقة، ولا شك اننا جميعا لا نهدف الى الشر او الى الاذى او الى العدوان على أحد، ولكن هذا لا يجعلنا نتخلى عن مسؤوليتنا للدفاع عن ديننا وعقديتنا وشريعتنا وأمتنا وأوطاننا، وهذا حق من حقوقنا ان نبدأ ونكافح ونرد كل معتدٍ بكل قوة وبكل ثبات وبكل ايمان واخلاص، وانني ارجو الله سبحانه وتعالى مخلصا ان يوفقنا جميعا للقيام بما يجب علينا ونحن علينا واجبات كثيرة وهي التعاون في كل شيء، في الحرص على تحقيق ايماننا بالله سبحانه وتعالى، والتمسك بعقيدتنا وشريعتنا وكذلك التضامن فيما بيننا فيما تقتضيه احتياجاتنا من أمور اقتصادية وثقافية واجتماعية وتربوية بما لا يتعارض مع ديننا وشريعتنا، وهذا من اكبر الواجبات علينا حتى نكون على مستوى المسؤولية، إن شاء الله، ونصل الى أهدافنا ان شاء الله بأقصر ما يمكن من الوقت لأننا في حاجة إلى السرعة، وبحاجة الى ان نثبت اقوالنا بأفعالنا وأعمالنا لانها لا تكفي، ولا يكتفي منا بالقول او الشكليات او المظاهر، ولكن الامر يقتضي منا العمل الجاد لنصل الى ما نهدف اليه، ان شاء الله، باسرع ما يمكن، لان حالة المسلمين اليوم، أيها الاخوة هي لا تخفى عليكم لما يتعرضون له من نكباتٍ وكوارث وتفتيت وتمزيق حتى وصل العدو لدرجة انه صار يستغل بعضنا ضد بعض ويستغل أفرادنا ضد جماعتنا، وهذا كله من مخططات الاعداء، فيجب ان ننسى كل هذا فيما بيننا ونتضامن فيما بيننا، ونترابط ونتكاتف ونتعاون بكل ما فيه مصلحة ديننا وعقيدتنا وشريعتنا ووطننا حتى لو كان بيننا وبين بعض بعض الخلاف في بعض الآراء، بالعكس يجب ان نكون مرتبطين مع بعضنا البعض بأقوى الروابط وأمتنها، وإذا كانت اية خلافات فيجب ان نحلها فيما بيننا كاخوة وكعائلة واحدة بكل محبة وكل تعاون، وكل ثقة.
وكما حدث، مع الاسف، في باكستان لما صار خلاف بين اخواننا في باكستان غربيين وشرقيين فاعداؤنا استغلوا وفرقوا بينهم وحطموهم والغرض من ذلك تحطيم الجميع، فهذا لا يجب ولا ينبغي ان يكون بين المسلمين، فالمسلمون يكونون معا مترابطين متكاتفين متعاونين متضامنين ويجب ان يتفاهموا فيما بينهم وبين بعض بكل محبة واخلاص وايمان بالله حتى نكون صفا واحدا، كما أراد الله سبحانه وتعالى، وعلى كل حال ارجو الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا جميعا للقيام بكل ما يجب علينا وان نصل الى أهدافنا بكل سرعة، وبكل قوة، وبكل نشاط إن شاء الله، وألا يميتنا الا ونحن نرى زوال كل هذه الكوارث والمشاكل والنكبات التي حلت بالمسلمين، وان تعود صفوف المسلمين لما ينبغي ان تعود اليه من تعاون وترابط وتكاتف وتفاهم في كل شيء، ويكونوا يدا واحدة، وصفا واحدا، وقلبا واحدا، ان شاء الله، وارجو للجميع التوفيق وانتم ايها الاخوة في مقدمة اخوانكم المسلمين بصفتكم أنتم ستضعون التخطيط لهذه الأهداف ولهذه الغايات، فأرجو لكم إن شاء الله، التوفيق والنجاح في كل ما تسعون إليه وكل ما تخططون له، ويكون إن شاء الله، كما يريد لنا ربنا من الإيمان والاخلاص والتمسك بعقيدتنا والتعاون فيما بيننا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved