Saturday 16th October,200411706العددالسبت 2 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاخيــرة"

وعلامات وعلامات
وقفة في مستشفى..!!
عبدالفتاح أبو مدين

* لعل من هواجسي أو من حرصي أنني أعيش الحدث ولا أفتعله، ولا أجنح إلى مقولات: سمعت وقيل لي، لأن ذلك لا يؤكد الثقة في معالجة القضايا التي نعيشها، ولا يوثق في جوانب مما يقال، فتهتز مصداقية الكاتب..!!
* في يوم الجمعة 17 شعبان 1425هـ الموافق 1-10- 2004م أبلغت أن حفيدي - سليمان - قد أدخل إلى أحد المستشفيات الخاصة فسعيت إليه في الخامسة بعد العصر من اليوم نفسه، فوجدت الطفل يصرخ وقد منع من الطعام، فاستدعينا إحدى الممرضات، وطلبت إليها إعطاءه شيئاً من مهدئ كي ينام، فقالت: إن الطبيب المعالج لم يأمر بذلك، فقلت لها أبلغيه!
* أخبرتني أم الطفل أنها مكثت وابنها نصف ساعة يدار بهما من جهة إلى أخرى، إلى أن أدخلا إلى حجرة الإيواء، والطفل ذو الستة عشر شهراً يعاني آلامه! وكان ينبغي التركيز واختصار - اللف والدوران - بلا داع، لأنا في مستشفى ولسنا في أي مرفق آخر، غير أن العمل الذي يسير بلا رقابة جادة من مسؤولين تكتنفه الفوضى وضياع الوقت مع العاملين الذين قد لا يهمهم ضياع الوقت وتعب المريض وسواه!
* في اليوم التالي، وهو يوم سبت، العمل يجري على قدم وساق كما يقال، هاتفت الأم سائلاً عن الطفل، وكانت الساعة الثانية عشرة، فقالت لي إن الطبيب لم يمر بمريضها حتى وقت محادثتي، فهرعت في الواحدة ظهراً إلى المستشفى، أبحث عن الدكتور صاحب المستشفى لأشكو إليه الحال، ودللت على من سمي بمدير المستشفى في حجرة صغيرة جداً لا تتسم بمكانة مدير، ليس مهماً المظهر، فوجدت رجلاً، ليس عليه سمة مسؤولية مكانة المدير، فقلت له: أريد مقابلة صاحب المستشفى، فقال: عنده اجتماع، وهذه حال شائعة، في الإدارات الحكومية ونحوها (لتصريف) أي مراجع، وأياً كان السبب! فقلت له أبلغه أن - فلاناً - يريد مقابلته، و- لطعني - عنده نصف ساعة، وبعد إلحاح وضجر، سمح لي بالصعود إلى مكتب الدكتور صاحب المستشفى، وكأن طالب المقابلة يستأذن للدخول إلى الجنة!
* توجهت للمصعد الخاص، الذي يفضي إلى الدور الذي فيه مكتب الدكتور فقال عامل المصعد الذي بيده مفتاحه: ممنوع الصعود إليه إلا بأمر من مدير المستشفى، وعدت إليه، فأبلغ العامل بالسماح، وحين وصلت إلى مكتب الدكتور وجدت رجلاً سمحاً، استقبلني ورحب بي اسمه الدكتور: فلان (أغا) وقال لي: إن الدكتور - غادر - وكانت الساعة 1.45 ظهراً، وحدثته عما حصل، فتأسف لذلك، وأخذ هاتفي ليبلغه لصاحب المستشفى وبما حدث!
* في اليوم التالي، اتصل بي الدكتور معتذراً، وسألني عما حدث، فقلت له ما كان، وعاتبته عن ذلك الإخلال، وأن الطبيب المفترض فيه المرور على مرضاه من بدء الدوام لا أن يتأخر إلى الثانية عشرة، ونحن في قسم الطفولة، وأن لها الأولوية، فالطفل غير الذين بلغوا مرحلة من العمر، يمكنهم التحمل والانتظار.. وندرك أن المصحة الخاصة التجارية، غير الحكومية، التي يكثر فيها التقصير وتداعي الإهمال إلخ، لأنها مجاناً، وفيها عجز كثير ونقص أكثر!
* وعاد الدكتور ليهاتفني مجدداً، بأنه سأل وتحرى، وعرف التقصير، وأنه قرر مجازاة الطبيب المختص بحسم كذا يوم من مرتبه، وكذلك الممرضة المقصرة.. وقلت له: أنا لا يعنيني الحسم من مرتب طبيب أو ممرضة، وإنما المهم، أن يكون في هذا الكيان الكبير الطبي متابعة جيدة متصلة، واجتماعات شبه يومية مع كل فريق، لينهض كل مسؤول وعامل بواجبه، ومحاسبة ومعاقبة المقصر بما يستحق، حفاظاً على سمعة الكيان العلاجي التجاري، وتفهم الرجل وهو فاهم الواجب، وقلت له إنني أعرفك وأسمع عنك منذ أن كانت لك عيادتك الخاصة في - باب مكة - بجدة، وشكرته بعد أن أعطاني جواله وجوال ابنه نائبه، لأتواصل معهما إذا لزم الأمر، لكن بقي في نفسي شيء من - حتى - كما يقول النحاة، لأن من يدفع قيمة ما يطلب منه، ولا يأخذ حقه يشعر بالغبن.. وقلت للدكتور إن أحدنا يتعامل مع المستشفيات، والحديث عن العلاج، وأنه يجد في أوروبا وأمريكا كل عناية وإنسانية، ومع الأسف في وطنه وفي الوطن العربي بعامة الحال: (حشفاً وسوء كيلة) كما يقول المثل العربي.. وسر الدكتور بشكواي، وقال: إن ذلك يعين على تدارك الأخطاء والنقص، وقلت له: إن الفاروق رضي الله عنه قال: (رحم الله امرأ أهدى إلينا عيوبنا) وإلى الله ترجع الأمور!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved