كل عام وأنتم بخير، أكتب هذا المقال صباح يوم الخميس عندما تقرأ هذا المقال تكون قد استمتعت بصيام يوم الجمعة. أكيد شاهدت التلفزيون واستمتعت ببعض البرامج المهيأة خصيصاً لرمضان. لا أعتقد أن هناك أشياءً جديدة عن العام الماضي.
ولكن الحملات الصحفية والأخبار التي سبقت شهر رمضان وعدتنا بكثيرٍ من البرامج والأعمال الدرامية. كل قناة تقول الحق عندي. نوع من الإثارة التي تخلق التطلعات وتعزز من قلق الانتظار. ربما تحس أن هناك شيئاً ما يميز الأعمال التلفزيونية في رمضان. حسب ظني الأمر فيه كثير من التأثير السيكولوجي.
في أول ليلة من ليالي رمضان تحس أنك في حالة حفلة جميلة. تبدأها منذ أذان العصر.
أكثر ما يعجبني هؤلاء الرجال الذين يقضون بعد صلاة العصر يجوبون أسواق الأطعمة والسوبر ماركت. وفي السنوات القليلة الماضية دخلت النساء حلبة المنافسة طالما أن الشغالة هي التي تطبخ في البيت. صعب الحديث عن هؤلاء فهذا سيغرقنا في أعماق اللقيمات والسنبوسة. والحديث عن السنبوسة حديث ذو شجون قد يذهب بنا إلى السياسة. لأن السنبوسة مربوطة باليمنيين، واليمنيون مربوطون بحرب الخليج، وحرب الخليج مربوطة بصدام حسين وصدام حسين مربوط بعلاوي، وعلاوي مربوط ببوش وهكذا إلى أن نصل إلى كوفي عنان.
ولكن هناك سنبوسة جديدة تختلف عن سنبوسة اليمنيين. لم تتبين بعد علاقتها بالسياسة. شاهدتها قبل كم يوم في أحد مطاعم الأسواق الكبرى. من باب اعداد نفسي لمسلسلات رمضان اشتريت حبتين من هذه السنبوسة. جربناها أنا والعائلة لا تفوتكم شكلها مثلث (!) لكنه معرفط بطريقة لا يمكن تعرف لها راس من ساس مثل الوضع السياسي في منطقة شبه القارة الهندية. يعني ليست مثلثة بالصورة التي تعودنا عليها مع السنبوسة اليمنية. تتذكرون عندما كنا صغاراً كنا نتأمل في السحاب ونخلق منه أشكالاً من أوهامنا. هذا راس وهذا عقال وهذا جبل وهذه غنمة. هذه السنبوسة مثل السحاب تشجع الخيال على العمل. كما تتميز بأنها مليئة بالدهن والشطة. القضمة الأولى قد تفجر مينا أسنانك من كثرة الشطة ولكن يمكن معالجتها بجغمة لبن فورية وإذا ما نفع اللبن لحقها بتوت. وإذا استمرت الأعراض أدخل عليها حبتي لقيمات. وإذا شعرت أن عيونك بدأت تدمع خذ حبتي تمر مع فنجال قهوة ساخنة. لاحظ أنك لممت كمية كبيرة من أنواع الأطعمة بدون تخطيط مسبق. مع هذا لن تشعر بتحسن. ولكن هذا لا يعني أبداً أن تتوقف عن إكمالها. لن تفيدك الانهزامية. واصل. خذ القضمة الثانية. لا بأس أن تقول بعد هذه القضمة أح أح وتقعد تتلفت ما تدري وين ربي حاطك فيه كأنك مضيع أصغر عيالك في حراج ابن قاسم. على أي حالٍ قبل أن تهدأ حلمات لسانك أقضم القضمة الثالثة (أخ يا ربي رباه) طقطق بأصابعك خذ قطعة كرتون وهف على نفسك، لا بأس كل هذا جزء من طقوس أكل السنبوسة البنغالية. بعد أن تنتهي من أكل حبة كاملة من هذا النوع من السنبوسة ستشعر بأنك أصبحت إنسانا آخر. كأنك للتو خرجت من مخاض الأمومة. عندها ستكون روحياً وجسدياً مهيأً لمشاهدة برامج رمضان. لا أشك لحظة أن السنبوسة البنغالية ستكون أفضل من السنبوسة اليمنية فيما يتعلق بالتهيئة السيكولوجية لمشاهدة مسلسلات رمضان. جربوها وكل عام وأنتم بخير.
فاكس:4702164
|