الحياة الدنيا ميدان فسيح للعمل البشري، أبوابها مفتوحة، والفرص فيها سانحة لمن يغتنمها، ومتاعبها طريق إلى الراحة فيها، من كان يظنّ أنه سيجد الراحة الكاملة في هذه الحياة فهو ينشد المستحيل؛ لأنها حياة معاناة وكبد، وحياة عمل دائب، ولابد لمن يعمل من أن يجد العناء والتعب، ليجد بعده الراحة، الحياة مزرعةٌ للآخرة، حينما ينطلق فيها الإنسان مؤمناً بهذه الخاصية للحياة الدنيا فإنه سيجد راحة نفسه، وسعة صدره، ورضا قلبه؛ لأنه يعلم - بهذا الإيمان - أن الحياة طريق، وجسر عبور؛ فما يبالغ في أسفه على ما يفوت فيها، ولا ييأس حينما تدير له بعض مظاهر الحياة الدنيا ظهرها، ولا يستسلم للكسل والإهمال؛ لأن هذه المزرعة تحتاج إلى فلاح ذي نشاط وحيوية وإخلاص في العمل، ومكابدة ومصابرة لم يجد من صعوبات عمله، وما يعترض طريقه من المشكلات.
الحياة صمود ومصابرة، بهذا الشعار يمكن أن يصل الإنسان إلى ما يريد، متطلعاً إلى ما عند ربِّه، متخلِّصاً من سيطرة أهوائه، وحبه لرغائب الدنيا وشهواتها ومظاهرها.
الحياة صمود.. عند الإنسان الذي يعرف معنى وجوده الحقيقي في هذه الحياة، فهو يُسالم من يفتح معه أبواب التفاهم والتعاون والعطاء المثمر دون مساس بما يؤمن به ويعتقده، وهو يحارب من يحاربونه، ويغلقون أبواب التعاون والتآلف، ويحاولون أن يصرفوه عن عقيدته وما يؤمن به.
هذا حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يواجه الحياة بما تستحق عملاً، وسعياً دؤوباً إلى البناء والإصلاح، منطلقاً من قاعدة اليقين والإيمان الخالص برب العالمين، مردِّداً ما نردِّده إلى اليوم، وسيردِّده المؤمنون بربهم إلى يوم القيامة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
إن صمود الإنسان الواعي في الحياة الدنيا، يرفع مقامه فيها، ويحقِّق له - بإذن الله - ما يصبو إليه من النجاح والنجاة يوم القيامة.
الحياة صمود؛ إنه الصمود على الحق والخير والإيمان بعيداً عن أهواء البشر وأوهامهم.
بهذا الصمود القائم على اليقين يمكن أن يصل كل إنسان منا إلى درجة من درجات النجاح الذي نتوق إليه.
إنَّ بناء أمتنا الإسلامية المتين لا يمكن أن يقوم دون قواعد الصمود والمصابرة والثبات على الحق الواضح الأبلج.
إشارة:
هل يستطيع الليل أن يبقى إذا
ألقى الصباحُ قصيدةَ الأنوارِ |
|