من أكبر المعضلات في عصرنا الحالي أن الشخص الذي يمكن أن يعتبره البعض إرهابيا يكون هو نفسه مناضلا من أجل الحرية بالنسبة للبعض الآخر.
فالمحافظون الجدد في الغرب يفضلون إرجاع الإرهاب في العالم إلى مصدر واحد وهو الإسلام ولكن هذا الأمر تبسيط مخل جدا للأمور ومضلل أيضا ولا يمكن أن يقدم تفسيرا صحيحا لوجود ملايين المتمردين في مختلف قارات العالم.
والحقيقة أنه لا يوجد مصدر يمكن اعتباره المصدر الوحيد للإرهاب كما أن الأمر ليس مجرد صدام بين الحضارات حيث إن الإرهاب لا يستند إلى مجرد أساس نظري أو منطقي ومجرد نظرة شاملة إلى النقاط الساخنة في العالم سوف توضح لنا سريعا التضليل الذي ينطوي عليه ربط الإرهاب بالإسلام أو بفكرة صدام الحضارات أو حتى بنبع واحد. فلا يمكن ربط القوميين في إقليم الباسك الأسباني الذين يخوضون نضالا مسلحا من أجل الانفصال عن أسبانيا بمنظمة نمور التاميل التي تقاتل من أجل استقلال التاميل عن سيريلانكا وإقامة وطن قومي لهم كما لا يوجد أي شيء يربط بين مقاتلي منظمة الدرب المضيء في بيرو مع الجيش الجمهوري الأيرلندي.
ورغم ذلك لا يمكن إنكار أو التقليل من شأن العلاقات بين مثل هذه الحركات الإرهابية فالتحالف يين الجماعات الانفصالية سواء على أسس أيديولوجية أو منفعية أمر شائع.
ولكن البحث عن نظرية واحدة لتفسير الإرهاب هو مجرد جهد بلا طائل. ولن يؤدي إلى تشخيص صحيح للداء، ناهيك عن تحديد الدواء وفي الوقت نفسه فإن أي خطأ في تشخيص السبب الحقيقي للإرهاب لن يؤدي إلا إلى زيادة مخاطره.
بالطبع للعراقيين والشيشان كل الحق في الحرية ولكن هذا لا يمكن أن يكون مبررا أبدا لذبح الأطفال كما حدث في مدرسة بيسلان بجمهورية أوسيتيا الشمالية بروسيا على يد مسحلين شيشان ولا مبرر لقتل العمال النيباليين على يد مجموعة مسلحة في العراق.
فإذا كانت قضية الحرية قضية نبيلة فعلى المناضلين من أجلها احترامها وفي الوقت نفسه على الحكومات استهداف منفذي العمليات الإرهابية ومن يرعاهم وفي الوقت نفسه بحث الأسباب الحقيقية للإرهاب ومعالجتها فهذا هو السبيل الوحيد من أجل كسب المجتمع المدني في هذه المعركة.
(تايمز أوف إنديا) الهندية |