كنت ذات رحلة قبل عدة سنوات إلى دولة الكويت الشقيق لحضور معرض الكتاب هناك..!
وخلال زيارتي توقفت في عدد من الشوارع عند لوحة جميلة مكتوب عليها بخط جميل كجمال الإيمان، مريح كنور الصلاة:
(أيها الشباب: صل قبل أن يُصلى عليك)
ولقد ظللت طويلاً أتأمل هذه العبارة ذات الكلمات القصيرة والمعاني الكبيرة، لقد أحسست أن هذه العبارة أمام ناظري:-
تتدفق عبيراً
تشع ضياء
تتوشح طمأنينة..!
تفيض نصحاً طيباً وصدقاً متوهجاً.
أجل
صلّ قبل أن يُصلى عليك
الصلاة بقدر ما هي شأن تعبدي بالغ الأهمية (ثاني ركن من أركان الإسلام) فإنها في الوقت ذاته تسكب في فضاء الإنسان عندما يؤديها بإيمان وحضور قلب ومشاعر فيضاً من الارتياح يتدفق شلالات من الارتياح في وديان نفسه، وينساب جداول السكينة في حياته.
وقد صدق من لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام عندما كان يقول لمؤذنه (بلال) ذي الصوت البلبلي (أرحنا يا بلال بالصلاة...!).
***
** لقد قرأت في بحث نشرته كلية الطب بجامعة تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية من خلال دراسة أجرتها على أربعة آلاف شخص (فوجدوا أنهم يتمتعون بضغط جيد بخلاف غيرهم، كما ثبت لهم نتيجة بحث علمي إحصائي أن الذين يجِدُون من يدعو لهم تتحسن حالتهم الصحية بنسبة 100% وعلى ضوء هذه النتائج قررت كلية الطب الأمريكية إدخال مادة جديدة تتعلق بالروحانيات لتقوية ارتباط المرضى بالله لإعانتهم على الشفاء).
أخيراً...
لا أزال أذكر بيتاً أخاذاً في قصيدة مؤثرة للشاعر الراحل عمر بهاء الدين الأميري قالها بعد فراغه من الصلاة في بيت الله الحرام حيث يقول فيها الشاعر مخاطباً الإمام في الحرم:
(إتئد يا إمام لا ترفع الرأس
ما ملّ قلبي من السجود لربي)
إنها طمأنينة الإيمان.. ومتعة الضياء ولذة مناجاة الله التي تتضامن عندها كل تيجان الأرض، ومنتجعات الدنيا..!
عثمان الصالح في المجالس
عندما يغيب البياض..!
** كلما دعيت إلى مناسبة أو دخلت مجلساً تذكرت ذلك الرجل الذي كان يستقبل الحضور بنقاء قلبه قبل صباحة وجهه أو كما قال عنه أ. زياد الدريس في كتابه الجميل الأخير: (يستقبلك ببياض بشاشته قبل بياض دشداشته)! وهو كذلك فعلاً.
إنه الشيخ المربي عثمان الصالح - أتم الله عليه لباس العافية - فقد كان يسابق الآخرين من كبار وصغار: مستجيباً لدعوة أو مشاركاً في فرح أو مواسياً في عزاء.. حتى بعد أن كبر سنه، كان يحرص ألا يتخلف عن مناسبة في الرياض أو في أي مدينة من مدن المملكة قاطبة!
إنه إنسان نادر.
كم يشعر الإنسان: أن المجتمع يظمأ إلى أمثال هؤلاء الذين يزرعون بأخلاقهم وتواصلهم شتلات المحبة في أفئدة الناس ووديان نفوسهم!.
حفظ الله الشيخ الجليل وأتم عليه رداء الشفاء ليبقى ندى يعطر المجالس ويمطر القلوب.
أصدق القول
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} سورة هود (114).
* ف : 014766464 |