تمر بالبلاد العربية المواجهة للأراضي التي تغتصبها اسرائيل مرحلة دقيقة من تاريخ نضالها المشروع.. فاذا كانت الوفود العربية قد حصلت على قرار من مجلس الأمن عام 1387هـ يقضي بانسحاب اسرائيل من الأراضي العربية المحتلة ولم ينفذ هذا القرار، فإن هذا القرار يعطي اسرائيل حق المرور من قناة السويس والممرات المائية العربية في البحر الأحمر، في حين أن العرب لا يقرون شرعية الوجود الصهيوني في فلسطين العربية المغتصبة!.
وفي هذه الأيام حصل العرب من الجمعية العامة لهيئة الأمم على قرار بأغلبية ساحقة يؤكد وجوب تنفيذ قرار مجلس الأمن السابق، ومع ذلك كله فإن اسرائيل لم تنفذ القرار السابق ولم تأخذ بتأييد الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار مجلس الأمن، ويبدو ان اسرائيل ليست في وضع يجعلها متوقعة لحرب تشنها دول المواجهة العربية، بل ان اسرائيل نفسها في وضع يعطي صورة على أنها ستكون المعتدية في حربها ضد العرب، فهي تعمل على ترديد ذكر أوضاع اليهود العرب في مصر وسوريا، وتتباكى على أحوال أربعة آلاف يهودي في سوريا - بالذات - في حين أنها استقبلت خلال عام 71م المنصرم اثنين وأربعين ألف يهودي من بلاد غير عربية، وكأن العرب هم الذين يسيئون معاملة اليهود في بلادهم في حين أن الأقليات في البلاد العربية ميسور لها العيش، واليهود في البلاد العربية في وضع اقتصادي يجعلهم يعيشون في رخاء، وكأن أوضاع العرب المسلمين في الأرض العربية المحتلة حسنة، وكأن النصارى العرب في فلسطين يعيشون في أمن ورخاء في ظل الارهاب الصهيوني، بل ان اليهود أنفسهم في فلسطين تحكمهم التفرقة الاقليمية وعنصرية اللون..
فالشرقيون اليهود يعاملون معاملة دون مستوى اليهود الذين وفدوا من أمريكا وأوروبا، وقد قامت اسرائيل باجلاء مائتي يهودي زنوج، ولا يستبعد أن يكون البعض منهم قد دربوا على الجاسوسية لاسرائيل!
ولكن الحقيقة أن اسرائيل طردت مائتي زنجي يهودي من فلسطين المحتلة في الأيام القريبة الماضية!! ومتى كان اليهود يعترفون بالعدل؟ إن اليهود لا يعترفون بالأديان الأخرى كلها ولا يحترمونها، بل ولا يرون الشعوب الأخرى أهلا لاعتناق دينهم الذي ألغته الديانات اللاحقة! فهم على حد زعمهم شعب الله المختار!!.. وترديد اسرائيل في اذاعتها لسوء حال اليهود في البلاد العربية جزء من حربها النفسية واسرائيل المعتدية دائما تظهر بمظهر الخائف الوجل..
فاليهود جبلوا على الخوف والذل والمسكنة.
واسرائيل تخفي نواياها العدوانية وراء مثل قول رئيس الأركان الاسرائيلي الجديد، ديفيد عازار الذي يصرح بأن العرب لا مصلحة لهم في الحرب أو ان مصلحتهم في حرب الاستنزاف، وكأن اسرائيل هي التي تقرر مصلحة العرب على يد رئيس أركان جيشها الجديد الذي يناقض نفسه فيصرح أن الحرب إذا قامت فستكون سوريا طرفا فيها..! ولا يقف عند هذا فطائرات اسرائيل تحلق في سماء الأردن تصور مواقع الجيش الأردني، في عمل استفزازي ترتكبه اسرائيل، وليس من الانصاف القول بأن العرب قد اكتسبوا شرعية البدء في القتال، فاسرائيل يوم ضربت العرب في 27 صفر 1387هـ بادئة القتال، هل اكتسبت شرعية البدء بالقتال، ومن الذي استطاع ان يعاقب اسرائيل على بدء القتال!لا أحد!!
إن العرب من حقهم أن يقاتلوا اسرائيل في أي وقت وفي أي مكان لأنهم مدافعون عن أرضهم، وبلادهم، وشعبهم الذي يرزح تحت وطأة الحكم الاسرائيلي المغتصب الظالم، ولقد انتهى الوقت الذي منحه الرئيس المصري لاسرائيل فرصة للسلام بالجلاء الكامل عن الأراضي العربية المحتلة، أما الحل الجزئي لفتح قناة السويس، فأمر تتطلبه مصالح الدول الكبرى في الدرجة الأولى وان كانت مصر تتضرر اقتصاديا من جراء قفل قناة السويس، ولا شك ان قفل القناة له أثر على أسعار البضائع المستوردة في بلادنا، ولكنه أثر غير كبير! وفي نظري ان قناة السويس هي الورقة الرابحة في يد الحكومة المصرية.
أما الوساطات بين مصر واسرائيل فأمور لا يقصد منها إلا تضييع الوقت على العرب سواء كانت الوساطة من مندوب هيئة الأمم، أو كانت عن طريق دولة كبرى، الوساطة أرجوحة، وبعد فهل يحرز الرئيس أنور السادات النصر لبلاده من غير حرب على الصعيد الدولي، أم ينتصر على اسرائيل بالحرب فيعود الى تعمير وتطوير بلاده في اطار من العلم داخل هالة من نور الايمان بالله (كما اختار) أرجو ذلك.
|