تطرق أحد الكتاب في مقال له عن المعاهد العلمية الى اقتراح بضمها لوزارة التربية والتعليم بعد أن ذكر الصعوبة التي يلاقيها معلمو هذه المعاهد عند رغبتهم النقل من مدينة الى أخرى وأمور أخرى ذكرها واعتبرها مبرراً للضم الذي ينادي به، وأحب ان ادلي برأيي حول هذا الموضوع واقول:
ان أية أمة تسعى للمحافظة على دينها وقيمها لا بد ان تحيط مصادر التلقي لديها بعناية تامة وأن تكفل لها ما يعينها على أداء مهمتها وان تسعى لضمان استقلاليتها وعدم تعريضها لما قد يؤثر على انتاجيتها ولو نظرنا مثلا الى الأمم التي لها باع طويل في مجال الأبحاث العلمية التجريبية لوجدناها تهتم بهذا الجانب اهتماماً كبيراً وتخصص له الجهات المستقلة والدعم اللازم حتى يتمكن من تحقيق الإنجازات المطلوبة منه ولا تكله الى قطاعات أخرى حتى لو كانت ذات نشاط مشابه فما دامت له اهداف محددة ينبغي تفريغه لها وهذا ينطبق على المعاهد العلمية لدنيا فهي معاهد تهدف الى تعليم العلم الشرعي الذي هو أساس العلم تعليماً متكاملاً ووافياً لا يتوافر في غيرها وتُعد طلابها للالتحاق بالكليات المتخصصة في هذا المجال فيأتون لهذه الكليات وقد توافر لديهم الإعداد المناسب لمواصلة الدراسة بها والتخرج فيها للانخراط في مجالات لا تتهيأ لغيرهم ولا يستطيع سواهم ان يقوم بمهامها ولذا وجب تهيئة البيئة المناسبة لهذه المعاهد من إدارة وإشراف وتجهيزات ومتابعة وتفريغها لهذه المهمة حتى تكون بمنأى عن المشاكل الأخرى وتبدع في المجال الذي خُصصت له، وتؤدي مهمتها دون تقصير، ولا يكون لديها من الاعذار ما تتعلق به فيما لو حصل منها قصور، وتركيز الجهود هو المطلوب لا تشتيتها، وضخامة الاعمال مدعاة للتقصير فيها وهذا أمر يجب ان تبتعد عنه الأمة لا أن تسعى إليه، أما ما يتعلق بموضوع النقل فيجب ان يكون متاحاً لمن يعمل بالمعاهد العلمية للانتقال لوزارة التربية والتعليم وهكذا العكس
وبما لا يؤثر على مصلحة العمل ولا يعتبر هذا المطلب أمرا عسيرا يؤدي الى المطالبة بما تطرق اليه الكاتب فأي معلم تجبره الظروف على الانتقال من منطقة الى أخرى ولا يتوافر في جهته احتياج لتخصصه في المانع من انتقاله الى الجهة الأخرى ما دام لديها احتياج لتخصصه، هذا ما أردت قوله، ولا احب ان انهي مقالي هذا دون التطرق الى عبارة لطيفة ذكرها الكاتب وهي:
ان هذه المعاهد كالضمان الاجتماعي اي لا يقبل عليها بعض الطلاب إلا من اجل المكافأة التي تعطى لهم ويحضرني بهذه المناسبة كلام لاحد التابعين او من اجدهم حيث يقول: (طلبنا العلم وليس لنا فيه فرزقنا الله النية بعد) وتم عن شخص صدقت عليه هذه العبارة رحم الله من قالها، على أنه لو لم توجد المكافأة فلن تخلو هذه المعاهد من طلاب هيأهم الله سبحانه وتعالى للعلم الشرعي وأعدهم لنفع الأمة والله الموفق.
عبدالله بن محمد المسعد - الرياض
|