في يوم الخميس 16-8-1425هـ وأثناء مطالعتي لجريدة الجزيرة لفت نظري عنوان كتب بالخط العريض في الصفحة الفنية يقول (معظم الممثلين يعيشون على الكفاف) فلم أكتف بهذا العنوان ولكن أخذني الفضول في أن أقرأ التفاصيل وكان حواراً مع الفنانين وكان من ضمن أسئلة الحوار التي طرحت على الضيف: (ما نظرة الناس للفنان والممثل من ناحيته المادية والاجتماعية بشكل دقيق؟ وهل ترى أن هذه النظرة صادقة؟ فأجاب الضيف: (طبعاً نظرة الناس إلى أي ممثل ينظرون له على أنه ذاك الشخص القادر على إنجاز ما يريده في حياته من جوانب مادية ومعنوية وهذا غير صحيح فهناك ممثلون متميزون في المملكة يعيشون على قدر حالهم وليسوا كما ينظر إليهم الناس، طبعاً هي نظرة خاطئة) انتهى كلامه.
وأنا أقرأ هذا الكلام انتابني شعوران: شعور عجب وشعور رحمة..
شعور العجب هو من هذه النظرة المغرقة في المادية من قبل كثيرين وخاصة من الشباب تجاه الفنانين حيث يظنون أن هؤلاء الفنانين يعيشون في سعادة ورغد وراحة نفسية ويملكون الأموال الطائلة والقصور العامرة والسيارات الفارهة ولو كلفوا أنفسهم وغاصوا في أعماقهم وسبروا أغوارهم لوجدوا عكس ذلك كما صرح به أحدهم وذكر في أعلى المقال، وكما نطالع دائماً عبر الصحف عندما يرحل فنان عن دنيانا حيث يتكشف لنا وضعه المادي الصعب وحالته الاجتماعية المقلقة فتجده مثقلاً بالديون ويسكن في بيت إيجار وقد يكون لم يسدد أقساطاً من الإيجار الذي حل عليه وغيرها من الأحوال المزعجة التي تجعل من الإنسان العاقل والمسلم الفطن أن يأخذ العظة والعبرة ولا تخدعه الدنيا فهي ظل زائل ونعيم منقطع إن حلت أوحلت وإن جلت أوجلت وإن كست أوكست فسبحان الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والأموال والثروة إن لم تكن أتت من طريق مشروع فالبركة منزوعة منها إن عاجلاً أو آجلاً لا محالة.
أما الشعور الثاني فهو شعور رحمة لأولئك الفنانين الذين هم إخوان لنا في العقيدة يسرنا ما يسرهم ويحزننا ما يحزنهم ونأسى للواقع المرير الذي يعيشه بعضهم ونتألم عندما نسمع أن أحدهم ودع الحياة وهو لم يرجع إلى الله ويسلك طريق التوبة والنجاة بل ونعتب على بعض وسائل الإعلام التي أغرتهم ببريق الشهرة الزائف حيث الحوارات الساخنة والمتتابعة المستمرة لهم وكأنهم الفئة الوحيدة التي تستحق المتابعة وتغطي أخبارهم وتبرز نشاطاتهم وبالتالي يتأثر الجمهور، ويغترون بهذا الفنان وتلك الشهرة حتى يصل الحال ببعضهم أن يتمنى تحقيق ما حققوه والوصول إلى ما وصلوا إليه.
إنها دعوة منبعها القلب من هذا المنبر الرائد جريدة الجزيرة وعبر صفحة العزيزة الغالية لهذه الفئة الغالية من إخواننا.. أبناء وطننا الحبيب.. الفنانين أقول: عودًا إلى الله فكم يفرحنا أن نراكم مقبلين على الله تاركين هذا الدرب الذي لا يرضي الله ولا رسوله تغمرنا السعادة ونحن نراكم في أحسن حال وأطيب صحة والراحة تملأ قلوبكم ورغد العيش يطرق أبوابكم وقد فرحنا كثيراً بإقبال بعض أقرانكم وزملائكم على الله واعتزالهم الفن فقد كان لهم تجربة عرفوا من خلالها أنهم لم يسلكوا الطريق الصحيح، والسعيد من وعظ بغيره ثم ليعلم الجميع أن للمعصية شؤمًا عجيبا ومرًا، فالعاصي يحس بضيق في صدره وظلمة في قلبه وشحوب في وجهه ووهناً في بدنه وقلة في رزقه، إضافة إلى بغض في قلوب الناس.. وهذا ظاهر وواضح فعندما نقرأ حواراً مع فنان أعلن اعتزاله وتاب إلى الله نجده يقول بملء فمه لم أشعر بالسعادة الحقيقية قط أثناء انخراطي في هذا المجال وعلاقاتي مع أهلي وأقاربي واهنة ضعيفة إن لم تكن منقطعة إلى غير ذلك من التصريحات التي لا تكاد تخفى على متابع لوسائل الإعلام المختلفة.. فارحموا أنفسكم.. أنقذوه من الضياع.. اتركوا هذا المجال بنية صادقة وتوبة خالصة وسيفتح الله لكم باب رزق مبارك بإذن الله فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
ثم إنها وقفة إعجاب وكلمة شكر وعبارة ثناء أزجيها بهذه المناسبة لهذه الجريدة الغالية والتي أعلنت قبل ما يزيد على أسبوع خبر اعتزال الفنان عصام عارف وكان موقفها إيجابياً من هذا الاعتزال وهذا يدل على المصداقية الراقية لهذه الجريدة الرائدة الموقف الرائع الذي تعودناه منها نحن القراء فلها عبق الشكر وشذاه وجزيل الثناء وسناه.. ودمتم بخير.
عبد الله بن سعد الغانم /تمير
|