Friday 15th October,200411705العددالجمعة 1 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

وحش يطلقون عليه (الفلسفة) وحش يطلقون عليه (الفلسفة)
سعود بن سعد الصعب - الرياض

يبتعد الكثيرون عن دراسة الفلسفة، أو حتى التحدث عنها.. بالإضافة إلى ابتعادهم عن قراءة كل بحث أو نظرية فيها.. إذ تكون كلمة (فلسفة) بمثابة حشرة.. قشعريرة تحيط بأبدانهم عند سماعها.. وتحيط بهم سحابة من الغموض والتعقيد والصعوبة.. ويصفون كل ما يصعب عليهم فهمه أو كل ما هو غير مألوف عليهم سماعه من الكلمات.. فلسفة.. والأدهى من ذلك، هو اعتقادهم الأول والأخير بأنها لا تعني سوى الجدل الذي لا طائل وراءه.. ولا يتناولها سوى العقول الخاصة.. وأنها لا تلذ إلا لقوم لم يروا في الحياة خيراً من أن يجهدوا عقولهم الخاصة في حل مسائل هي أقرب للخيال منها إلى الواقع.. بل وانها تبحث في خيالات لا ينبني عليها عمل أو هدف.. وبالتأكيد فذلك خطأ صريح.. واضح.
لم يرفع الإنسان عن مستوى الحيوان إلا فكره وقواه العقلية الخافية.. والتي قد تكون عند البعض مجرد مناطق أكل عليها الدهر وشرب حتى اندثر ما بداخلها لتكون متحفاً للآثار.. يستخدمه البعض في التعليق والضحك.
الحيوان يرى.. ويسمع ويتذكَّر أيضاً.. ولكن هل يفكر.. ربما.. ربما أنه يفكر.. ويستخدم قواه العقلية.. ولكنه يستخدمها في حاجته الوقتية.. أما الإنسان.. فيستطيع استخدام عقله في كل ما يحيطه ويربط به الأمور والمستجدات لتفسيرها وتوضيحها.. ويكون له فيها رأي ونظرة ويجتهد ليعرف حلها.. وأسبابها.. وعلاقة الكون بها.. ومن هنا يفهم الشيء فهماً واضحاً.. وهذا ما يسمونه (التفلسف).. وهم لا يعلمون أن معنى - يتفلسف - ما هو إلا البحث عن ماهية الأشياء وأصولها وعلاقتها ببعضها البعض.. إي ان كل إنسان منا.. فيلسوف.. والبشر ما هم إلا فلاسفة.. ولكن بدرجات تختلف باختلاف هيئة التفكير وعمقه بهذه الأمور.. فالفلسفة ما هي إلا عمل يقوم به الجميع.. ولكننا لا نطلق كلمة فيلسوف إلا لمن كان أهم أغراضه في حياته هو دراسة طبائع الأشياء ومحتواها.. وأدواته بذلك هي عقله فقط.. مما يجعله يدرك هذه الامور بشكل أسرع.. هذا هو الفرق.. كما الحداد أو الميكانيكي يعرف دقائق عمله.. ويستطيع من نظرة واحدة معرفة ما حصل في الأداة التي أمامه.. إذاً الفرق الوحيد هو الأداة.
الفيلسوف هو من تكون أداته وعدته (العقل) وهذا ما يجعله يبدو مختلفاً.. فكروا قليلاً.. فكروا بأول الزمان.. فكروا بعلماء الإغريق والرومان؟
لماذا اختار هؤلاء العلماء علم الفلسفة ليبدؤوا حياتهم منه وبوساطته.. ويتعمقون في محتواه.. هم بالتأكيد بشر.. يفعلون كما نفعل.. ولكن عرفوا ما هي حرفة العقل.. وأن العقل وحده بإمكانه أن يغنيهم عن كثير مما في هذه الحياة.. والتاريخ خير شاهد على ذلك.
إن الفلسفة ليست كما يتصوَّر الكثير منا.. صدقوني ليست بالشيء البعيد عن الحقيقة، أو الشيء الغامض والذي يحتاج إلى جهود في تفسيره.. بل إنها علم مرتبط بحياتنا اليومية.. تفسير لأحداث الحياة.. مدرستها العالم.. وموضوعها ظواهر الحياة بما فيها من كائنات.. وقلمها هو العقل الإنساني.. فهي الفكر الراقي.. الموجه إلى العالم.. والذي نُعتبر جزءاً منه.
والغريب في الأمر.. حينما يتعمَّق البعض في بعض العلوم وينجذب إليها.. كعلم الاجتماع أو المنطق أو علم النفس والأخلاق والطبيعة وهو لا يعلم أن كل هذه هي فروع من علم الفكر الاول.. علم الفلسفة.. والذي يعتبره البعض غموضاً.. وما هو إلا تفكيك لشفرات الغموض.
ومضة:
رغم تقدُّم العلم والتفكير.. فإنه إلى هذه اللحظة لم يستغل سوى 3.5% من قدرات العقل البشري.. والقادم مذهل أكثر.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved