أمعنت قوات الاحتلال الإسرائيلية في اعتداءاتها على غزة من شمالها إلى جنوبها مخلفة، ما يقارب المائتين من الشهداء، في عدوان مستمر منذ أواخر الشهر الماضي مع تدمير المئات من المنازل، كما سجلت إسرائيل خلال هذه الموجة الجديدة من الاعتداءات مستويات مريعة من القسوة والوحشية من خلال استهدافها الأطفال بطريقة لفتت الاهتمام الدولي لكن دون أن يترك كل ذلك ردود فعل تتفق مع خطورة هذه الهجمة الشرسة..
ويتوقع أن تزداد ضراوة الهجمة الإسرائيلية في غياب أية ضغوط دولية جادة، ومع الرغبة الإسرائيلية في إلحاق أقسى الضربات بالمقاومة الفلسطينية، والمزيد من الأذي بمواطني غزة وممتلكاتهم..
وخلال هذه الاعتداءات التي شارفت على إكمال أسبوعها الثالث، حصلت إسرائيل على إشارات دولية مهمة تشجعها على مواصلة هذا النهج العدواني، فقد نجت بفضل التدخل الأمريكي من المطالبة الدولية لها بسحب قواتها من غزة، فالولايات المتحدة لا تنظر إلى كل هذه الفظاعات أكثر من كونها تصرفاً طبيعياً من قِبل إسرائيل للدفاع عن نفسها، ولا يعرف على وجه التحديد ما إذا كان إفراغ (20) عشرين طلقة في جسد فتاة يافعة، أو قتل أخرى وهي داخل صفها الدراسي من قبيل الدفاع عن النفس..
لقد فعلت إسرائيل ذلك وهي تفعله كذلك كل ساعة، ولا تسمع إلاّ عبارات التشجيع من قِبل الدولة العظمى التي يفترض أن تكون إحدى الضمانات للحفاظ على الأمن والاستقرار في العالم..
وعندما تطاولت إسرائيل على الأمم المتحدة متهمة منظمة الأونروا التابعة لها بأنها تضع سيارات الإسعاف في خدمة المقاومة وتساعد في نقل أسلحتها، وبعد أن ثبت بطلان التهمة باعتراف إسرائيل ذاتها، فإنّ إسرائيل تلقت مجرد توبيخ من أمين عام الأمم المتحدة على تلك الاتهامات على الرغم من خطورة التهمة التي طالت واحدة من أهم المنظمات الدولية.
إذن، فالاعتداءات الإسرائيلية تجري في بيئة مواتية لها وهي مصرة على استغلال هذه الظروف إلى المدى الأقصى دون أن تخسر أيّ شيء بسبب تفوقها العسكري، وبسبب هذه الحماية النوعية الرفيعة التي تحظى بها من القوة العظمى، لكن على إسرائيل أن تدرك أنّ عليها أن تدفع، في وقت ما ليس ببعيد، ثمن هذه الاعتداءات الغاشمة..
إذاً إنه رغم هذه الهيمنة الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، فإنّ عملية فدائية نوعية تستطيع أن تُحدث ما يشبه الزلزال في الكيان الصهيوني، وهذا ما يجعل القضية الفلسطينية حيَّة، ويجعل الأمل حياً في نفوس أهلها ومن يهمهم أمرهم..
|