تتجلى مجاهدة النفس في الصيام أكثر من غيره من العبادات، فالعبد المسلم يجاهد نفسه في رمضان، ويكبح شهوته، إرضاء لله تعالى، تجده يشتهي الطعام فلا يأكله، ويظمى والماء أمامه فلا يشربه، وقس على هذا سائر شهوات النفس المفطرة.
الصيام يدرب النفس على المجاهدة، حتى ترتاض عليها، وإذا استطاع الصائم كبح الشهوات المباح منها والمحرم في نهار رمضان فلماذا يدعي العجز في لياليه؟
إننا جاهدنا ونجاهد أنفسنا في نهار رمضان، فالأوقات تقضى فيما يرضي الله تعالى من قراءة قرآن وذكر ودعاء، فلماذا لا نفعل ذلك في الليل؟
ولماذا لا نحافظ على هذه المجاهدة في غير رمضان؟
إن مجاهدتنا لأنفسنا في نهار رمضان تدل على قدرتنا على المجاهدة ودحر الشيطان فلماذا لا يحافظ المتهاون في الصلوات على صلاته؟
ولماذا لا يقرأ القرآن كثير من الناس إلا في رمضان، ولماذا يستطيع المدخن أن يتوقف عن التدخين في نهار رمضان ساعات طوال، بينما في غير نهار رمضان تجده يدخن في المجلس الواحد عشراً أو عشرين سيجارة؟
أما المجاهدة الجادة فتتبين في الوقفة الصادقة أمام رغبات النفس الأمارة بالسوء في رمضان تجاه ما يعرض في القنوات الفضائية، وأخص رمضان لأن كل القنوات أو جلها تتنافس في المسلسلات والفكاهيات والمجون وإحياء الليالي الخليعة كل هذا في ليالي هذا الشهر المبارك، الذي كان السلف - رحمهم الله - يتركون فيه حتى كتب العلم ويبقون مع القرآن والذكر والصلاة لاستثمار أيام وليالي هذا الشهر العظيم.
فهل من وقفة صادقة مع النفس ومجاهدتها تجاه كل ما هو منهي عنه (حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره).
|