ومن أسباب ظهور الفكر التكفيري أيضاً: (السكوت عن هؤلاء المخالفين وعدم تخطئة ما هم عليه):
فإن من أكبر أسباب ظهور البدع وانتشارها والتي منها بدعة التكفير: السكوت عن المخالف والمخطئ في ذلك. والناس اليوم بحاجة ماسة إلى البيان والرد على أصحاب الأفكار المنحرفة، وفي مقدمتهم التكفيريون، وعدم المجاملة في ذلك. والحمل كبير على العلماء في دروسهم ومحاضراتهم وندواتهم ولقاءاتهم والخطباء في خطبهم، والمعلمين في مدارسهم، وقد ابتلينا اليوم بأناس ينتمون إلى الدعوة، وينكرون على الناصحين تحذيرهم ممن يخالف منهج السلف في العلم والعمل. ويقولون بأن هذه الطريقة تفرق الصف وتورث الضغائن في القلوب، وإن كنتم لا بد فاعلين فاذكروا الحسنات والسيئات من باب العدل والإنصاف. وكان من نتيجة هذا السكوت: انتشار الأخطاء في أوساط من ينتسبون إلى الدعوة، وظهور البدع والمناهج الدخيلة، والتي منها التكفير.
ونحن لا نشك بأن الرد على المخالف له أصول وضوابط، ولا يقوم به كل أحد، ولكنه مهم جداً لأنه من الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والمصيبة أن بعضهم يقول: بأن الرد على المخالف (غيبة!!!) والغيبة محرمة والجواب على هذا القائل بأن يقال: لا شك أن الغيبة محرمة ومن الكبائر، ولكن هناك أحوالاً مستثناة قد دلت الأدلة عليها، وقد ذكرت هذه الأحوال في بيتين من الشعر:
والذم ليس بغيبةٍ في ستةٍ
مُتظلمٍ ومُعرِّفٍ ومحذر
ولمُظهرٍ فسقاً ومستفتٍ ومن
طلب الإعانة في إزالة منكرِ |
فالتحذير من هؤلاء وأمثالهم ليس بغيبة أبدا، لأن تركهم هو الذي وصل بهم إلى ما هم عليه، وجعلهم يقعون بما وقعوا فيه، نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه، وأن يصلح أعمالنا وقلوبنا وأحوالنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله محمد، صلى الله عليه وسلم.
( * ) حائل ص.ب 3998 |