Friday 15th October,200411705العددالجمعة 1 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

أول جمعة من رمضان أول جمعة من رمضان
عبد الله بن صالح القصير ( * )

الحمد لله الذي بلَّغَنَا رمضان ، ونوّع ويسّر فيه خصال البر والإحسان ، وكثَّر فيه أسباب الرحمة والغفران ، والعتق من النيران ، أحمده سبحانه على جوده وكرمه ، وأشكره على ما لا يحصى من سابغ ومترادف نعمه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي كتب علينا الصيام ، ويسر الأحكام ، وضاعف المثوبة على الصيام والقيام وغيرهما من خصال الإسلام ، وأشهد أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - عبد الله ورسوله ، أشرف مرسل واكمل إمام ، وأفضل من صلى وتصدق وصام ، وتعبد لله بدين الإسلام صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه السابقين إلى الإسلام ، وخير أصحاب الأنبياء والمرسلين من الأنام.
أما بعد : فيا أيها الناس ، اتقوا الله تعالى وأطيعوه ، واذكروه تعالى وأشكروه ، وتوبوا إليه جل ذكره واستغفروه ، واعلموا أنكم لن تحصوه ، ولكن سددوا وقاربوا ، والقصد القصد تبلغوا.
معشر المسلمين : تذكروا أنكم في شهر كريم ، وموسم عظيم ، يتّجر فيه المؤمنون مع رب العالمين ، يرجون فيه أن يتغمدهم الله تعالى بواسع رحمته بما يؤدونه من صالح العمل ، وأن يعمهم بعظيم مغفرته لما يحصل من التقصير والزلل ، وأن يفوزوا بكريم المثوبة وعلى الدرجة فضلاً من الله عز وجل ، قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ {29} لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ {30} فاطر ، وقال تعالى : {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ، فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} السجدة (16-17).
عباد الله : أدوا فرائض الإسلام ، تسلموا وتؤجروا ، وتحببوا إلى الله بالتقرب إليه بنوافل الطاعات تحبوا وتثابوا وتقربوا ، وتحفظوا في أسماعكم وأبصاركم وسائر حواسكم وجوارحكم وقواكم وتمتعوا ، ويغفر لكم عظيم الوزر بقليل العمل ، وتثابوا على يسير البر بكبير الأجر فضلاً من الله عز وجل ، { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } (16) سورة الأحقاف.
أمة الإسلام : انووا الصيام من الليل؛ فإنه من لم يبيت نية صيام الواجب قبل طلوع الفجر فلا صيام له لقوله صلى الله عليه وسلم : (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له) ، وفي رواية : (لا صيام لمن لم يفرضه من الليل) ، وعليكم بأكل ما تيسر من الطعام في وقت السحر ، فإنه الغداء المبارك وإنه فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب ، يقول صلى الله عليه وسلم (تسحروا فإن في السحور بركة) ، ويقول : (إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين) ، واخروا السحور فإن تأخير السحور علامة بقاء الخير في الأمة ، وأن الله تعالى قد قال : { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } (187) سورة البقرة ، ولقد كان مقدار ما بين فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من سحوره وإقامة الصلاة : قدر ما يقرأ القارئ خمسين آية.
أمة الإسلام : صوموا محتسبين فإنه من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، وإن الله تعالى قد اختص صوم الصائم لنفسه وجعل ثوابه عليه لكمال إخلاصه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم محدثاً عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : (كل ما يعمله ابن آدم كفارة له إلا الصوم ، يدع الصائم الطعام والشراب من أجلي فالصوم لي وأنا أجزي به) ، والصوم هو الصبر وقال تعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } (10) سورة الزمر.
أيها المؤمنون : واجتنبوا مع الصوم فاحش الكلام ، والجهل على الأنام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) ، فصونوا صيامكم عما يبطله أو ينقص أجره وما أشكل عليكم أمره فاجتنبوه فإنه من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، وفي الحديث : (دعم ما يريبك إلى ما لا يريبك) ، وفي الحديث الآخر : (الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك).
أمة الإسلام : كان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يعجل الفطر إذا تحقق غروب الشمس ، وقال : (لا يزال الناس بخير ماعجلوا الفطر) ، وقال صلى الله عليه وسلم : قال الله سبحانه : (أحب عبادي إليّ أعجلهم فطراً) ، وتذكروا عباد الله أن الصائم مستجاب الدعاء ، وأن له عند فطرة دعوة لا ترد فأكثروا لدعاء ، وقدموا بين يديه عظيم الثناء ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } (186) سورة البقرة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved