Friday 15th October,200411705العددالجمعة 1 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

رياض الفكر رياض الفكر
البسمة صدقة
سلمان بن محمد العُمري

الصدقة في الإسلام من الأفعال اليومية الدائمة المستمرة التي ينعكس أثرها الإيجابي على الفرد والأمة على حد سواء، فالفرد ينال فائدتها الدنيوية، وفي الآخرة ينال ثواباً من الله عز وجل، والأمة تمثل سعادتها انعكاساً لسعادة أبنائها، فالمجتمع المسلم بنيان مرصوص يشدُّ بعضه بعضاً.
لقد كانت الصدقة على أشكال عديدة، وبالطبع يستطيع أن يقوم بها الفقير كما يقوم بها الغني، ويقوم بها الصغير كما يقوم بها الكبير، والذكر كما تقوم بها الأنثى، وكل شرائح البشر على اختلافهم ما دامت النية موجودة. والإنسان الذي سلمت نيته، وأخلصها لله وحده، يكون سلوكه كله صدقات يتبع بعضها بعضاً، وأفعال خير دائمة مستديمة بإذن الله، فكلام الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر هو فعل خير، وخطواته تحمله للخير، ويداه سباقتان للخير، وحتى البسمة التي تصدر من ذلك الإنسان هي صدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة). نعم حتى بسمة المؤمن وبشاشة وجهه أمام أخيه المؤمن هي صدقة، ونعم الثواب لتلك الصدقة.
فهذه البسمة تثلج قلب متلقِّيها، وتمنح السعادة للذي عبَّر عنها، والله سبحانه يعلم سرائر الأنفس وما تكن الصدور، ويعرف لحظات السعادة والمشاعر الحقيقية، ولذلك جعل البسمة الصادقة من أفضل الصدقات، وهذا فضل من الله تعالى الذي جعلنا نعيش في بحار من النعم، يقول تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}. ولكن الذي يشعر بتلك النعم هو المؤمن الحق، الذي يرى النعم، وربما لا يراها غيره.
بالتأكيد ليس كل إنسان يمارس البسمة التي تحمل صفات الصدقة، فالبسمة هي وسيلة تعبيرية تعبِّر عن كائن هو الإنسان الذي يختلف من شخص لآخر، وحسب الظروف والمتغيرات، وبقدر ما يصل الإنسان بنفسه لدرجات كريمة وطيبة بقدر ما يستطيع أن تكون كل سلوكياته وتعابيره، ومنها البسمة، هي أفعال خير وصدقات، والعكس يحصل مع الذي أظلم قلبه ومضمونه، فكشرت شفاهه وأسنانه وعبس وجهه، فهذا أبعد ما يكون عن الصدقة.
بالطبع البسمة في وجه الأبناء، والزوج لزوجه، والأقارب والأصدقاء، بل ومَن تقابل ممن عرفتَ وممن لا تعرف، هي كلها من أنواع الصدقة ما دامت في إطار فيه الخير والحب الصادق بين الإخوة في الله.
إن الحياة تأتي بمتغيرات عديدة، وقد تجعل أحدنا في لحظة من اللحظات بعيداً عن البسمة لسبب ما، ولكن الثقة بأمر الله هي التي تجعل البسمة لا تغيب عن داخل الإنسان المؤمن، والتي وإن غابت لفترة لا بدَّ أنها راجعة بإذن الله. نعم لا بدَّ أنها راجعة فعلاً دائماً مستديماً للخير، وحباً لهذا الفعل ولأهله، وتبسماً في وجه المؤمنين، ومعين الخير لا ينضب، والله الموفق.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved