في مثل هذا اليوم من عام 1925 اشتعلت الثورة السورية بقيادة سلطان باشا الأطرش الذي كان يحمل لقب (قائد عام جيوش الثورة الوطنية السورية) ضد الاحتلال الفرنسي، من العاصمة السورية دمشق.
وكانت فرنسا قد فرضت انتدابها على سوريا ولبنان بعد الحرب العالمية الأولى التي انتهت بهزيمة الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على منطقة الشام واتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيم الميراث التركي بينهما فحصلت فرنسا على سوريا ولبنان وحصلت بريطانيا على مصر وفلسطين.
وقد أصدر سلطان باشا الأطرش بياناً حماسياً جاء فيه: (يا أحفاد العرب الأمجاد، هذا يوم ينفع المجاهدين من جهادهم، والعاملين في سبيل الحرية والاستقلال عملهم. هذا يوم انتباه الأمم والشعوب. فلننهض من رقادنا ولنبدد ظلام التحكم الأجنبي عن سماء بلادنا. لقد مضى علينا عشرات السنين ونحن نجاهد في سبيل الحرية والاستقلال، فلنستأنف جهادنا المشروع بالسيف بعد أن سكت القلم، ولا يضيع حق وراءه مطالب. أيها السوريون، لقد أثبتت التجارب أن الحق يؤخذ ولا يعطى، فلنأخذ حقنا بحد السيوف، ولنطلب الموت توهب لنا الحياة. إلى السلاح أيها الوطنيون، إلى السلاح، تحقيقاً لأماني البلاد المقدسة. إلى السلاح تأييداً لسيادة الشعب وحرية الأمة. إلى السلاح بعدما سلب الأجنبي حقوقكم، واستعبد بلادكم، ونقض عهودكم، ولم يحافظ على شرف الوعود الرسمية، وتناسى الأماني القومية).
شهدت الثورة السورية معارك طاحنة بين الثوار والقوات الفرنسية في منطقة جبل العرب ومحيط دمشق، وقصف الفرنسيون العاصمة انتقاماً من أهلها الذين ساندوا الثوار. ولكن القوة الفرنسية كانت أقوى من عزيمة الثوار فتمكن الفرنسيون من قمع الثورة.
ورغم ذلك فإن القمع لم يتمكن من القضاء على حلم الاستقلال في قلوب وعقول السوريين فاستمرت المقاومة السلمية المتمثلة في المظاهرات والصحف المناهضة للاحتلال. وفي سنة 1936 وافقت فرنسا على منح سوريا استقلالاً جزئياً، ووقعت معاهدة بين البلدين تنص على منح سوريا الاستقلال، إلا أن فرنسا تنصلت من بنود المعاهدة بسرعة، وبقيت قواتها على الأرض السورية وظلت فرنسا الحاكم الفعلي للبلاد.
وخلال الحرب العالمية الثانية، أصبحت سوريا تحت سيطرة حكومة فيشي الفرنسية الموالية للألمان، وشهدت الأراضي السورية صداماً بين قوات حكومة فيشي وقوات فرنسا الحرة والقوات البريطانية، انتهى بسيطرة الحلفاء على سوريا سنة 1941، وتقديمهم الوعود باستقلال البلاد التام بعدما تنتهي الحرب.
انتهت الحرب سنة 1945 وتنصل الفرنسيون من وعودهم مجدداً. قاوم السوريون، وفي 29 أيار 1945 ردت فرنسا بوحشية من جديد، إذ قصفت مبنى البرلمان السوري في دمشق، مما أثار المزيد من الاحتجاجات في سوريا والعالم العربي، وانتقلت الأزمة إلى مجلس الأمن الدولي الذي طالب بجلاء القوات الفرنسية عن البلاد في 17 إبريل 1946 وتحت ضغوط دولية متزايدة، انسحبت آخر القوات الفرنسية من سوريا، وأعلن ذلك اليوم، الذي شكل بداية عهد جديد، عيداً وطنياً.
|