Thursday 14th October,200411704العددالخميس 30 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الماء سلعة اقتصادية!! الماء سلعة اقتصادية!!
د. زيد بن محمد الرماني /عضو اللجنة الاستشارية للحملة الوطنية لترشيد استهلاك المياه.

هل لديك خريطة للعالم؟!! افتحها وآتِ بآلتك الحاسبة، ستجد أن البحار والمحيطات تغطي 70.8% من المساحة الكلية لسطح الكوكب، بمتوسط عمق 3.73كم، فإذا أضفنا مساحات البحار الداخلية والأنهار والبحيرات والأغفية الجليدية في القطبين، فإن مساحة المسطحات المائية على الأرض تبلغ 74.35% من المساحة الكلية لسطحها.
وأخيراً، ولعله لا يكون متأخراً، بدأ البشر يلتفتون إلى الماء.. لقد اكتشفوا أن مستقبلهم المائي مهدد بدرجة أو بأخرى، وأن معظم مشاكل العالم تطفو فوق سطح الماء.
يقول الدكتور محمد الرميحي: إن الماء أهم لنا من أي شيء آخر، ومع ذلك فما زال في أدنى أولوياتنا الوطنية، ولا نذكره في خططنا الاقتصادية إلا لماماً.. مع أن المياه تأتي في مقدمة الثروات الطبيعية محط الأنظار والأطماع، في عالم يضطرب مناخه، وتتسع مساحات الجفاف والقحط في يابسته عاماً بعد عام.
لقد أصبحت المياه ومشاكلها تتصدر أولويات هموم الناس سكان هذا العالم، ويمكن تلخيص مشكلة المياه على المستوى العالمي في سؤال هو: كيف يمكن توفير المياه كماً وكيفياً لسكان العالم الآخذ تعدادهم في التزايد، وفي الوقت نفسه، ضمان تصريف المياه المتخلفة عن كافة الأنشطة البشرية دون إلحاق الضرر بالبيئة؟!!
فمن أعراض المشكلة المائية أن أكثر من بليون من سكان العالم لا يعرفون الماء النقي، وأن حوالي 2 بليون إنسان يفتقرون إلى هذه المرافق الصحية. ومن ملامحها أيضاً، أن الماء لا يجد الاحترام والتقدير المناسب إلا في عدد محدود من المجتمعات، في حين يجري التعامل مع المياه في معظم دول العالم كما لو كانت مصدراً أبدياً لا يفنى، وبدون مقابل مادي للاستهلاك، أو بمقابل مادي لا يوازي قيمة الماء الحقيقية.
والغريب، أن هذا النمط الغالب من مستهلكي المياه في العالم يقابل باستياء شديد لفكرة النظر إلى المياه كمورد اقتصادي.
يقول الدكتور رجب سعد السيد في كتاب (أجراس الخطر): ثمة اتفاق عام على أن المشكلة المائية تظهر ملامحها عندما يقل متوسط نصيب الفرد من المياه عن ألفي متر مكعب في السنة.
إن سياسة الإصلاح المائي، ينبغي أن تقوم على مفاهيم أساسية، منها:
أ - ينبغي ايجاد أفضل السبل للانتفاع بالمتاح من الموارد المائية، قبل التفكير في إنشاء مشروعات جديدة لجلب المياه، وهذا يتضمن تنشيط كافة آليات صون الموارد الراهنة.
ب - ينبغي أن يتمتع قطاع الماء بسياسة تتوافر لها الظروف المشجعة، والدافعة على العمل، والعوامل المحفزة على الإصلاح والقدرة على التدخل المباشر في مواجهة أزمة المياه.
ج - ينبغي أن تتاح الفرصة للمبادرة المحلية والإقليمية للتعامل مع أزمة المياه، بأن تصبح المؤسسات والأجهزة الإدارية أكثر مرونة وأسرع استجابة، على ان تعطى آليات السوق مساحة مناسبة في هذه الجهود.
د - الدعوة إلى إيجاد ترتيبات اقتصادية للموازنة بين تكلفة المياه والانتفاع بها، وتقدير الثمن المناسب لاستهلاك المياه والانتفاع بها، وتقدير الثمن المناسب لاستهلاك المياه في مختلف الأغراض.
إن فكرة تثمين (تسعير) المياه يكتنفها حساسيات، بل محاذير اجتماعية وسياسية وأحياناً دينية، وربما دبلوماسية.
ولكن من الضروري أن نستمع إلى أنصار الدعوة إلى تحصيل مقابل حقيقي يعادل قيمة الماء كسلعة اقتصادية نادرة، فهم يرون أن سلوكيات استهلاك المياه، حتى الوقت الراهن، تفتقر - في مجملها - إلى الترشيد وما يترتب عليها من إهدار لجانب محسوس من ثروة البشر المائية.
ويرون أن السبب المباشر لاعتياد معظم السكان في هذا العالم على هذه السلوكيات هو أن الماء يأتي إليهم في منازلهم بدون مقابل تقريباً، في حين أن التكلفة الحقيقية لهذه الخدمة الحيوية، ينبغي أن تشمل:
(1) التكلفة البيئية.
(2) تكلفة الإمداد بالمياه.
(3) تكلفة الانتفاع بالمياه.
(4) التكلفة المستحقة عن نفاد أو قرب نفاد مورد مائي يجري الانتفاع به.
إن مشكلة المياه شديدة الارتباط بباقي مشاكل عالمنا المرهون، وكلها ناتجة، أساسا، من الزيادة المتسارعة في تعداد سكانه، فمزيد من السكان يعني ضرورة توفير مزيد من الطعام ومزيد من الطاقة، وهذان ينتهيان بالحاجة إلى مزيد من الموارد المائية.
وإزاء هذه الشبكة المعقدة من المشاكل المتداخلة، فإن الحل لن يأتي إلا من خلال إطار عام لسياسة عالمية تعمل على تكثيف الاستثمارات والمعطيات التقنية وتنسيق الجهود المحلية والإقليمية.
ختاماً أقول: أن يكون ذلك واضحاً لجميع البشر, فهذا هو المطلب الملح في هذا العصر؛ فالمستقبل واحد ولا نتمناه إلا مشرقاً، في الشمال والجنوب والشرق والغرب.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved