في وقت تتفجر فيه براكين الكوارث البشرية وتصطخب في صرخات المقهورين جراء ويلات الحروب وشلالات الدماء الدافقة بفعل العنجهية الاستعمارية في ثوبها الحديث الذي يتمنطق كذباً بلسان دعاوي التحرير الزائفة في شتى بقاع الأرض، وسط كل هذا الركام من البؤس والشقاء وعذابات السنين التي لم تفلت منها دولة في العالم إلاّ من رحم ربي، فإننا نجد أنفسنا في المملكة والحمد لله متدثرين بثوب الأمن والأمان منذ أن رفع سيدنا إبراهيم الخليل يديه إلى بارئ العرش وهو يرفع القواعد من البيت العتيق ويطلب منه سبحانه نعمة الأمن لساكني هذه الديار، فاستجاب له رب العزة وأفاء على أهلها نعمة لا توزن بدرهم ولا دينار والحمد لله على تلطُّفه علينا ونعمائه التي لا يحس بها إلاّ الذين فقدوها في بلادهم.
وحين توفرت هذه النعمة الغالية التي تكفَّل الله بعدم زوالها من هذه الأرض الطاهرة حتى يرث الأرض ومن عليها فإنّ ما تبقى من النعم قد انبسط بعدما وجد المرتكز الأساسي لحياة واستقرار ورفاهية الأمة وهو (الأمن) الذي يعتبر حجر الزاوية لنهضة الأمم المتحضرة، ومن بعده تأتي متعلقات الحياة من تعليم وصحة واقتصاد وسياسة وتعاملات حياتية لا بد من القيام بها لتنفيذ أوامر الله وخلافته في الأرض وإعمارها، وهذا ما وعته حكومتنا الرشيدة فأمدَّها الله بعونه وتوفيقه لتحقيقه، واليوم ونحن في خضم أيام الفرح التي نعيشها بذكرى البيعة الثالثة والعشرين لخادم الحرمين الشريفين والتشوُّق لعبير شهر القرآن والرحمة الذي ظللنا بخيراته ونفحاته المباركة، فإنّ ما أفرحنا وأثلج صدورنا وأشاع البهجة في نفوسنا هذه الأخبار السارة التي أضافت لأهالي مدينة الرياض بصفة خاصة، ومناطق المملكة بصفة عامة فرحاً على أفراحهم ألا وهو افتتاح مدينة الملك فهد الطبية، ذلك الصرح الصحي العملاق على يدي سمو سيدي ولي العهد الأمين وهذه لعمري من البشريات السارة التي يجب أن تزف وبفرح طفولي لكل بيت ولكل أسرة ولكل مواطن ومقيم في هذه العاصمة الحضارية التي نجزم بأنها أصبحت ودون شك عاصمة العرب الطبية بفضل ما توافر لها من إمكانات ودعم غير محدود وجدته في العهد الزاهر وطفرة صحية صارت معها مضرباً للمثل بين مدن العالم من ناحية الرقي والتقدم في مجال الطب وصحة البيئة والنظافة التي أهلتها كذلك لنيل شهادة عروس المدائن.
وعوداً على بدء فإنّ مدينة الملك فهد الطبية تعتبر أكبر صرح طبي في الشرق الأوسط من حيث الجاهزية وتكاملية الإعداد وشمولية التخصصات وتساهم هذه المدينة مساهمة فعّالة في خدمة المواطنين وستلعب دوراً مهماً في تخفيف الضغط الذي تعاني منه مستشفيات الرياض بخاصة والمملكة بعامة، وقد وجَّه سمو ولي العهد الأمين بتشغيل مدينة الملك فهد الطبية تشغيلا كاملا بالإضافة إلى إنشاء مراكز طبية تخصصية وهي مركز القلب وجراحة القلب المفتوح ومركز الأورام ومركز السكري ليكون مرجعياً في المملكة لهذا المرض، وهذه المكرمة الغالية تؤكد حرص القيادة الرشيدة على الاهتمام بصحة المواطن وتوفير كافة السبل العلاجية والتخصصية لتمنع المواطن من عناء السفر للبحث عن العلاج خارج المملكة وليكتمل تتويج مدينة الملك فهد الطبية بهذه المراكز التخصصية كمنظومة تخصصية علاجية لشعب المملكة العربية السعودية.
ويجدر بنا في هذه المناسبة الطيبة أن نشيد بالدور الكبير الذي تضطلع به وزارة الصحة في هذا الشأن وعلى رأسها الوزير الشاب والغطاس البارع والطبيب الحاذق الدكتور حمد المانع الذي ترجم هذا الحب الكبير من القيادة الرشيدة لشعبها الوفي في هذا العمل الصحي الراقي وكافأ مواطني بلاده بهذه المكرمة التي تقبَّلها الشعب السعودي قبولاً حسناً من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني حفظهم الله، نرجو الله أن يحفظ المملكة بحفظه.. ونزف التهاني للقيادة الرشيدة وللشعب السعودي بشهر رمضان المبارك وكل عام وأنتم بخير.
www.nahedanwar.net |