مفقودات العراق

إلى أن تزول السحب والأدخنة المتراكمة في الأفق العراقي فإنه يمكن بين الحين والآخر تفقد البيت العراقي الكبير لرؤية المقتنيات والممتلكات وما إذا كانت ما زالت في أماكنها أم امتدت إليها أيدي اللصوص مستغلة الفوضى الحاصلة.
ومؤخراً جرى اكتشاف أن تجهيزات نووية في موقع التويثة القريب من بغداد تم تفكيكها ولا يعرف الوجهة التي انتقلت إليها المسروقات، ولهذا فإن على أهل العراق، وهم في غمرة الحروب الدائرة في بلادهم، ألا يغفلوا عن مراقبة ما تبقي لهم من ممتلكات، خصوصاً بعد اكتشاف أن هناك من يضع عينه على آثار العراق دون غيرها من مقتنيات ثمينة، لكن هناك أيضاً من يريد سلب العراقيين كامل حقهم في الحرية والعيش الكريم.
هذه الأوضاع غير الطبيعية تفرز على الدوام نتائج مهولة، وبعد ما يقارب من العامين من هذه الحرب البغيضة فإن العراق يحتاج إلى تقرير شؤونه بنفسه، ولهذا فمن المهم توفير أفضل الظروف التي من شأنها الوصول إلى إنجاز الأمور الدستورية بما في ذلك إجراء الانتخابات في موعدها، وهذه مهمة الجهات الفاعلة في الساحة العراقية من قوات الاحتلال إلى الحكومة المؤقتة وبالطبع إلى الشعب العراقي نفسه، الذي عليه أن يبرهن أنه قادر على تولي مهام المستقبل من خلال التهيؤ لمقتضيات الفترة المقبلة.
غير أن الغالبية العظمى من الشعب العراقي تجد نفسها مغيبة بسبب هذا الواقع المرير الذي تبدو فيه لغة السلاح هي الأقوى، فالكثيرون من العراقيين يروحون ضحايا للنيران المتقاطعة بين القوات الأجنبية والمسلحين والكثيرون يسقطون ضحايا للقصف الأمريكي اليومي لمنازل في الفلوجة وأنحاء أخرى من العراق، لكنهم وفي غمرة مأساتهم وحزنهم وانكساراتهم لا يتلقون كلمات المواساة وإنما يسمعون ما يستفز أوضاعهم وأحوالهم عندما يبرر الأمريكيون الغارات على المنازل بالقول إنها كانت تستهدف مسلحين من جماعة الزرقاوي بينما يتحدث الأطباء في المستشفيات التي تستقبل ضحايا القصف عن قتلى وجرحى من النساء والأطفال.
وهكذا فإنه بات على العراقيين أن يتصدوا لمن يحاول سرقة ومصادرة مشاعرهم وحتى أحزانهم ليتحولوا إلى بركان من الغضب ومن ثم فقد يلجؤون إلى حمل السلاح للدفاع عمّا تبقى لديهم في الدار من أناس وبقية من كرامة.