Thursday 14th October,200411704العددالخميس 30 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

لما هو آت لما هو آت
محمد حسن فقي
د. خيرية السقاف

محمد حسن فقي...
من ضمن كوكبة كانت أوّل إضاءات لبارق الشعر الذي فتح نافذة فهمي إليه أبي، محمد حسن عواد، أحمد قنديل، حمزة شحاتة، محمد سرور الصبان، حسين سرحان، و... و... أتحلقُ بعد عصر كلِّ يوم مع إخوتي وأمّي رحمها الله حول هذا الباذخ في ثقافته أبي حفظه الله كي يأخذنا إلى خيوط أنوار تدلنا إليهم...
ومضى معي (محمد حسن فقي) رحلة جميلة أو أمضيت معه، إذ لم يكن يغيب عن عينيّ كلّما فتحت صحيفة كان ينُشر فيها شعره، أو تتزيّا هي به، رحلة ماتعة استقرّت في أوَّل مجموعة ضمّت ما أقرأ له (قدر ورجل) قدّم لها (عبدالعزيز الربيع) رحمه الله حين كان أوّل من ناهضني مساومةً حتى أسلم لي الثّقة، فتلهّفت أقرأ تقديمه (الدراسة) الفلسفية التَّأملية تلك التي تسلّلت لمنافذ شعر الفقي... ذلك الذي نشأت أراه طوداً سامقاً في قامته، بمثل قامة قصائده الخمسينية البيت أو الأكثر أو الأقل، إلى أن أصبحت جريدة المدينة لا تكاد تفصل بين ترويستها الأساس وقصيدته، وكأنَّه الاسم الشرعي لها...
وأمام طالبات قسم الَّلغة العربية بكلَّية الآداب في جامعة الملك سعود وقفت لإحدى عشرة سنة أتحدَّثُ عنه ضمن من شكلوا اللّبنة الأولى في الشعر السعودي، قامة لا تنحني ليراعها أبجديَّة العروض، ونغمة لا يشاطرها سوى شجنها، ولمحة فكر يميل إلى التأمل في كثيرٍ ويصنع له فلسفة التّمادي...
محمد حسن فقي، ربّما آخر من جلَست به منيَّته فوق مقعد الذكرى، بينما تقف به شامخاً قصائده الثّرية في مدى الحضور...
شاعرٌ أسهب في القصيد، فأسهبت في محبّته القلوب بمكنونه النقي وذكراه العطرة ودوره الرائد، وتقدُّمه الركب...
وحين يموت محمد حسن فقي فإنه يبصم بقاءه الذي لا يموت...
وحين تتحدّر دموعي عندما تصطدم عيناي بصورته في الصفحة الأولى من الصحف تنعاه، دون أن أدري كيف لهذا السيل أن ينسكب، وقد أُلجم بعد موتها رحمها الله (نوَّارة)، فإنّ ثمّة ما في النفس لهذا الكيان الذي كان جميلاً ولذلك الاسم الذي يبقى جليلاً...
وحين يوجِّه (سلمان بن عبدالعزيز) حفظه الله بأن يبقى محمد حسن فقي اسماً في شارعٍ من شوارع العاصمة تكريماً فإنّ ثمّة ما يؤكد أنَّ لا موت للشعراء النُّبلاء...، وأنّ ذاكرة الأوفياء يعمّرها الوفاء وأنَّ لا موت سوى البقاء للحرف النقي، والفكر الصادق...
عزائي فيه
إنَّه كان اللّبنة التي نشأتُ أدري أنَّها أحد أسس الحوافز التي أسلمتني لريح القلم...
رحمه الله...
وجعله في فردوسه الأعلى
وجعل آثاره جميعها له عملاً صالحاً في الميزان.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved