* لندن - واس :
قال صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة وإيرلندا إن الإرهاب أصبح أكبر مصدر يهدد السلام والاستقرار العالمي وقد مزق المجتمعات إرباً وكاد أن ينهي ثقافة التفاهم العالمي بل حاول تحويل الأصدقاء إلى أعداء وفوق كل شيء جعلنا نشك في بعضنا البعض حتى بين الذين ربطتنا بهم علاقات طويلة عبر أنحاء العالم.
وأضاف سموه أن الإرهاب جعلنا ومن أجل الحفاظ على تلك العلاقات أن نقوم بإعادة تقييم ما يجعلنا أصدقاء وشركاء تجاريين وحلفاء عالميين بصورة مستمرة.
وتطرق سموه خلال المحاضرة التي قدمها في جامعة دارهام ليلة أمس الأول إلى تأثير ثورة المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة التي جعلت المعلومات تنهمر علينا.. وأن تلك المعلومات تستغل لأهداف طيبة وسيئة على حد سواء.. مشيراً إلى أن آراءنا تتشكل من خلال صورة قبيحة عن الإرهاب والعنف والتطرف لأن وسائل الإعلام يندر أن تنقل الصور الجميلة عن حياة الشعوب لأنها لا تشكل أخباراً مثيرة.
وتساءل سموه عن كيف يمكن أن نتوصل إلى الحقيقة وكيف يمكن أن نوازن بين السيء والحسن حول ما يحدث في العالم.
وتحدث سمو الأمير تركي الفيصل بإسهاب عن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وبريطانيا منذ نشأتها ومنذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود.
وقال: إن وسائل الإعلام البريطانية اليوم ترسم صورة كالحة عن المملكة العربية السعودية تفتقد إلى التوازن. وأوضح سموه أن بالمملكة حكومة مستقرة واقتصاداً منتعشاً وشعباً مسالماً وغير متطرف ولا يدعو للعنف والإرهاب في أي شكل من الأشكال كما تحاول بعض أجهزة الإعلام أن تروج. وشدد سمو الأمير تركي الفيصل على ان التطرف هو سمة فئة قليلة تم لوي عقولها وتحويلها إلى أجندة الشر وتخلت عن المنطق والرحمة خلفها وتسلحت بالتقنية الحديثة لتحقيق أهدافها الشريرة. وقال إن البعض في الغرب يتصرف وكأن شبكة القاعدة واتباعها يهيمنون على منطقتنا وان وسائل الإعلام تحاول إقناعكم بأن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وبريطانيا والعلاقات بين الإسلام والغرب مهددة وان هناك خلافاً متنامياً يتسبب فيه سوء الفهم والتصورات المختلفة .. ولكنه يرى أن الخلاف يكمن في الاختلاف بين رؤية الغرب للمملكة وبين الحقيقة التي نعرفها عنها.
واستعرض سموه بإسهاب نواحي النهضة والتنمية الشاملة والمتكاملة في جميع مناحي الحياة بالمملكة وفي مقدمتها الإنسان وتنمية الموارد البشرية من خلال انتشار التعليم والخدمات الصحية وتشييد بنية تحتية متقدمة بأفضل المستويات العالمية.
وأكد الأمير تركي الفيصل أن المملكة وشعبها يحترمون ثقافات الآخرين ومعتقداتهم الدينية وبالمقابل تطلب من الآخرين احترام ثقافتها ومعتقداتها الدينية وأن المملكة هي مركز للعالم الإسلامي وبالتالي تقع على عاتقها مسؤوليات نحو المقدسات الإسلامية. وتطرق سموه للحوار الهادف لتحسين التفاهم بين الإسلام والغرب والذي ساهم فيه مع كبير أساقفة كانتبري ومجموعة المائة المناط بها تحسين التفاهم بين الإسلام والغرب. وشدد على أن المملكة تحترم حقوق الإنسان .. مشيراً إلى تكوين لجنتين لحقوق الإنسان بالمملكة إحداهما حكومية والثانية -غير حكومية- مستقلة وان مهمتهما هي التأكد من التحقيق حول أي مزاعم بانتهاك حقوق الإنسان. وأوضح أن هناك أكثر من ثمانية ملايين من غير السعوديين يعيشون ويعملون في المملكة ولم يتعرضوا إلى ما يعرف بجرائم الكراهية. وبين سموه أن اقتصاد المملكة معافى ولا يعاني من أي خلل وان المملكة حققت فائضاً بلغ 1 ر 6 بلايين جنيه أسترليني سيتم إنفاقها لتحسين وتطوير الخدمات الصحية كما تم رصد 450 مليون جنيه أسترليني لبناء مدارس جديدة وان هناك خططاً يتم تنفيذها بصورة مستمرة لتنويع مصادر الاقتصاد والدخل الوطني. وقال سموه إن علاقات المملكة مع الغرب ليست سيئة وليست على وشك الانهيار مستعرضاً تاريخ تلك العلاقات منذ الحرب العالمية الأولى وزيارة الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله إلى لندن في عام 1919 م.
واستعرض تبادل الزيارات بين المسؤولين البريطانيين والسعوديين إلى المملكة وبريطانيا من ذلك الوقت بهدف تعزيز وتعميق العلاقات بين البلدين.
وأكد سموه أن المملكة تقف في قلب الحملة العالمية في الحرب ضد الإرهاب متطرقاً إلى أن شبكة القاعدة تعتبر المملكة هدفاً أساسياً لها مشيراً إلى ما ورد في خطابات أسامة بن لادن في هذه الاتجاه.
وأوضح سموه أن أيدولوجية القاعدة ظهرت ونمت في جبال أفغانستان وليس في سهول المملكة العربية السعودية. وقال إن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أدان بشدة الإرهاب في رسالته إلى المجلس العالمي الأعلى للمساجد .. وحذر من أن شبكات الإرهاب تستغل الفئة الضالة من الشباب المسلم لتحقيق أهدافها وأن ذلك يشوه صورة الإسلام والمسلمين.
وأضاف أن ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز قال إن الإرهابيين هم أعداؤنا وان بلادنا ستنمو وتتطور بالرغم منهم وسيتم القضاء على هؤلاء الأعداء مهما تطلب ذلك من الوقت.
ودعا سمو الأمير تركي الفيصل المثقفين والأكاديميين في الغرب إلى إعادة النظر في مكونات الحضارة الغربية.. ودعاهم أيضاً إلى اعتبار الإسلام جزءاً ساهم في صنع الحضارة الحالية. وأشار سموه إلى مصطلح - التقاليد اليهودية المسيحية - الذي بات مستخدماً بشكل واسع في الغرب يأتي من الطبيعي إضافة الإسلام إليه مشيراً إلى دور علماء المسلمين الذين استقى منهم الغرب حصة كبيرة من حضارته الحالية. وقدم سموه المحاضرة لعدد كبير من الأساتذة وطلاب جامعة دراهام بشمال إنجلترا أمس الأول الثلاثاء بدعوة من مركز دراسات الشرق الأوسط بالجامعة التي تعد من أهم الجامعات البريطانية في دراسات الشرق الأوسط ويتخرج منها عادة الدبلوماسيين البريطانيين الذين يعملون في الشرق الأوسط.
وكان في استقبال سموه عند وصوله إلى الجامعة البروفسير انوش احتشاي رئيس مركز الشرق الأوسط.
وحرص سموه خلال الزيارة على الاجتماع مع الطلبة السعوديين بالجامعة حيث أجاب على تساؤلاتهم وتحدث معهم حول دراستهم بالجامعة.
|