كثيرون منا توقفوا عن كتابتهم عن هذه المرأة، فمنهم من تطرق لها من باب الاعتزاز، ومنهم من ناشدها عدلا بحق بلدها الأصل، ومنهم من تجرّد منها.
وبعد ما شاهدناها في أكثر من مقابلة مرئية، وجدنا فيها المواطنة الأمريكية، والمرأة التي تستعين على تحقيق أهدافها في الحياة بقانون بلادها الحالية، كونها تزاحم على مقعد أو ترشح نفسها لما شاءت باعتباره شأناً أمريكياً خالصاً.
غاب عن ذهن الكثير منا (العاطفي) جداً، وهي بالمناسبة الصفة الغالبة على كثير من انفعالاتنا، أن هذه المرأة تمثل نفسها من خلال دور تطمح إليه كمواطنة أمريكية بالدرجة الأولى، وأن تزاحم معظم وسائل الإعلام المحلية على استضافتها إنما هو حالة خاصة نتمثل بها، وننجذب إلى مسألة العروق والدماء والأصول، بينما هي في الحقيقة لا تؤتي ثمارها في بلاد كالولايات المتحدة إلا بفعل الإنسان وهويته الجديدة.
لا يفوتني أن أذكر ملاحظات المذيع العربي الذي حاول أن يصطاد في بركة مواقف تلك المرأة، ظانا بذلك انه قد أحرجها، وهي التي عارضت الحرب على العراق، بينما كان ابنها أحد الجنود الأمريكان في حرب الخليج الأولى. كانت إجابتها باردة جداً، عندما قارعته بنفس الحجة العاطفية التي يستسيغها العرب، عندما غافلته قائلة: بل كان ابني يساعد العراقيين وينصحهم ويقدم لهم المعونات!
أما ما بقي من محظيات المصادفات لهذه السيدة ذات الأصول العربية فهو تلك الملاحم من الفخر الذي وضعها البعض منا تجاهها، ومازلت حتى اللحظة غير مدركة لما كانت ترمز إليه الإشادة، هل لفريال الحلم أو المرأة التي تحقق حلما ونجاحا وتصل إلى مساحة مقنعة من اختراق حاجز الطبيعة والواقع الذي يفترض أن تعيش به لو كانت بملامح انتمائها الأول كسيدة عربية أو سعودية، أم تلك الأمريكية القحة التي كانت لا تفرق بين وضع المرأة في السعودية أو في الصومال، لأنها ببساطة شديدة تمارس حقوقها بعيداً عن أرق العالم العربي المملوء بما يؤرق شعاراتها في الطريق نحو الترشيح؟
والحقيقة أن فريال المصري، قبل أن يزف الإعلام بمختلف وسائله خبر دخولها المعترك السياسي الأمريكي، لا تختلف عن أي مواطن أمريكي آخر، وهي بالدرجة الأولى تمارس حقها من هذا المنطلق، وإلا لما استطاعت مجرد الوصول إلى هذه المرحلة. وأما فرحة البعض بمثل هذه المشاعر البريئة فإنها تذكرني بتعليق إحدى صحفنا المحلية، حول انتقال المذيع السعودي علي الظفيري إلى قناة (الجزيرة) وبدلاً من طرح أسباب حول هجرة مذيعينا، فإنها تساءلت هل: سيفعل (علي) شيئا، أم أنه سيقرأ ما يملى عليه في (الجزيرة)؟!
|