مراقب عام
علي الخزيم

حينما تكون صاحب قلم ورأي يقرأ عبر الصحف والمجلات وتتحدث إلى الناس تلفزة وإذاعة، أو تكون رجل مرور وشرطة، أو تكون مديراً لدائرة تضم مجموعة موظفين، أو رب أسرة مؤتمناً على سلوكهم وتربيتهم بما تستطيع.. حينما تكون كذلك وتخل أنت قبل غيرك فيما كنت تنادي به أو تحث عليه، أو تتجاوز إشارة المرور الحمراء بحجة أن على كتفك ما يشير إلى أنك من رجال تنظيم الأمن والمرور، أو تجمع موظفي الإدارة كلما عنَّ لك وأردت التفكه والسفسطة على حساب أعصابهم ابتداءً بالحث على الانضباط بالحضور وأنت لم تحضر إلا الحادية عشرة بحجة أنك تتأخر للثالثة والنصف، أو تمارس مع أبنائك دور المرشد الناصح لمحاسن الأخلاق ثم تنزوي في غرفتك لممارسة كل ممنوع كنت تحذرهم منه.. حينما نكون كذلك فإننا نكرس مفهوم المجتمع المتخلف بل المتغطرس المدعي الخادع المخدوع بنفسه، المتأخر إلى آخر صفوف المجتمعات المتسابقة نحو المقدمة، سلاحها وقوتها الصدق مع النفس، والشفافية والوضوح مع الآخر، والواقعية في التعامل مع الذات ومعطيات الحياة.
وأكاد أجزم أن خللاً يحيق ببعض حالاتنا الفكرية ووعينا المجتمعي، وسوء فهم في تراكماتنا المعرفية، وممارسات حركية ولفظية خاطئة متوارثة بين الأجيال سلمت بها واستسلمت لها دون تدقيق وتمحيص، فاجتمع لنا وحولنا ما عصف بأفكارنا، وفرق مشاعرنا، وشكك في ضمائرنا؛ فتنافرت الأفعال والأقوال، وكل منا يرى أنه الكاسب الذكي.