في مثل هذا اليوم من عام 1923 قررت حكومة الاتحاد والترقي التركية نقل العاصمة التركية من مدينة إسطنبول المقر التاريخي للخلافة العثمانية إلى مدينة أنقرة في منتصف إقليم أنطاليا. وكانت مدينة إسطنبول قد ظلت عاصمة للدولة التركية على مدى أكثر من ثلاثة قرون وشهدت مرحلة ازدهار وانحسار الخلافة العثمانية منذ ان امتد النفوذ التركي حتى المغرب العربي وأبواب فيينا في قلب أوروبا إلى أن دخل القرن التاسع عشر حيث أصبح يطلق عليها اسم (رجل أوروبا المريض). ومع بداية القرن العشرين ظهرت حركة الاتحاد والترقي بزعامة مصطفى كمال أتاتورك وتمكنت من محاصرة دولة الخلافة. وبعد الحرب العالمية الأولى وهزيمة تركيا إلى جانب ألمانيا وإيطاليا والنمسا فيها انتهى أي نفوذ لتركيا خارج حدودها وتزايد نفوذ جماعة الاتحاد والترقي التي قررت إلغاء الخلافة العثمانية عام 1924 وكان نقل العاصمة إلى مدينة أنقرة جزءا من خطة هذه الجماعة العلمانية لإنهاء أي علاقة بين الدولة التركية الحديثة وبين دولة الخلافة والتي كانت مدينة إسطنبول أحد أهم رموزها. وكانت مدينة أنقرة مركزا لنشاط مصطفى كمال أتاتورك في حرب التغيير التي قادها ضد دولة الخلافة . وتمتع مدينة أنقرة بموقع استراتيجي متميز كما أنها أقرب إلى أوروبا. وكان أتاتورك قد انتهى إلى ضرورة ربط تركيا بالغرب الأوروبي وليس بالشرق الإسلامي في ضوء رؤيته لبناء دولة علمانية بعد أن حمل الخلافة الإسلامية التركية مسؤولية انهيار الدولة. وكان نقل العاصمة كما ذكرنا مجرد خطة في هذا الاتجاه الذي شمل أيضا تغيير حروف كتابة اللغة التركية إلى الحروف اللاتينية بدلا من الحروف العربية، بالإضافة الى حظر كافة المظاهر الدينية في البلاد مثل ارتداء الحجاب للنساء أو إقامة الأذان في الأماكن العامة.
|