Wednesday 13th October,200411703العددالاربعاء 29 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

المعرفة العلمية وعصر العولمة المعرفة العلمية وعصر العولمة
منصور إبراهيم الدخيل /مكتب التربية العربي لدول الخليج

إن قراءة تاريخنا الإسلامي على مرّ العصور ولا سيما سيرة العلماء الذين قدَّموا لهذه الأمة الشيء الكثير وفي صنوف المعرفة المختلفة لم يساوموا على العطاء والتضحية اللذين أخذا من وقتهم وجهدهم.
كل ذلك في سبيل تفاعلهم مع معطيات الحياة وتسخيرها لخدمة الإنسان.
وكل هذه الانجازات تمت وهي تفتقد لكل الوسائل المهنية والتقنية المتاحة الآن، ولكن إيمانهم واحتسابهم الذي ضمنه الاسلام لهم جعلهم ينسون الجانب المادي لأنهم يعلمون أن الأجر والثواب هما غايتهم في هذه الحياة فلهذا سعدت البشرية كافة بالحضارة الاسلامية التي تُعتبر عاملاً مساعداً في تطور الحضارة الغربية وما يُسمى بعصر العولمة اليوم والتي هبطت بمخزون الحضارة الاسلامية ولم تطوِّره وفقاً لمقوماتها وربطته بالجانب المادي فقط وهذا يناقض أيضاً طريقة المعرفة الاسلامية حتى في العصور المتأخرة، حيث إنها كانت متاحة وبلا مقابل ومن أجل صلاح المجتمع وباستقلالية تامة.
فنظرة الى طلبة العلم الذين يتوافدون على الأزهر الشريف والحرمين الشريفين ومراكز الحضارة في دمشق وبغداد والأندلس يقابلون برحابة صدر من علماء جنَّدوا أنفسهم وبدون كلل وملل لاعطائهم العلم والحكمة بدون مقابل، وهؤلاء في ذلك الوقت لم يكن لهم رواتب وليسوا موظفين في الدولة بخلاف اليوم الذي أصبح العلم والعلماء في معظم العالم الاسلامي يتم تقديمهما بموجب مكافآت مالية وقد وصل الأمر حتى الاستشارات التربوية والدينية التي تُقدم الى إصلاح الأمة تُباع بمبالغ خيالية ولا سيما عند المتقاعدين منهم، وكان يفترض منهم أن بلوغهم سن التقاعد فرصة لتأمل وتعويض ما فاتهم وذلك بتقديم كل شيء لهذه الامة والاكتفاء بمبالغ رمزية لا تتعدى تكاليف المصروفات الضرورية.
وما ينطبق على هذه الفئة ينطبق على كل العقول العلمية الأخرى التي هي مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتوظيف الجانب الروحي والعلمي وتأصيله في خدمتها ويجب ان لا تنساق الى النظرية التي أصبحت واقعة في العالم الإسلامي، وهي هجرة العقول العربية نتيجة لقلة الحوافز المالية مع يقيني التام ان هجرة معظمها يعود لعدم وجود التشجيع والامكانيات العلمية من مختبرات ومواد وخامات لأنهم يدركون ان هويتهم الثقافية بُنيت على جوانب معنوية وروحية فالأجر والثواب هما غاية وسعي يومي يسعى إليهما كل محتسب من أمة الاسلام بخلاف عصر العولمة الذي أصبحت المادة فيه هي كل شيء بالرغم من التنافر المزعوم وخصوصاً أيام الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الغربية والولايات المتحدة من جهة أخرى.. حيث إنهم ينظرون الى الاتحاد السوفيتي بنظرة مخالفة عن الايديولوجية التي يؤمنون بها وهذا غير صحيح لانهم تجمعهم المادة في كل شيء والاختلاف بين الملكية الفردية والجماعية هو اختلاف فلسفي فقط لانها كلها تصب في الملكية الجماعية والدليل على ذلك المؤسسات الاقتصادية والاعلامية والثقافية مَنْ يملكها الآن؟ أليس القطاع العام في معظم الأحيان وحقيقة الأمر ان المعرفة في عصرنا الحاضر اصبحت متقيِّدة ومقيَّدة بما تمليه عليها العولمة وأن تقديمها الى الامم لا يتم إلا من خلال المنافع المادية، فثورة المعلومات الانترنت يجب ان لا نستهتر بالمبالغ الزهيدة التي ندفعها مقابل شراء الدسكات والبطاقات فهي تقدم لنا مقابل عرض مادي وغيره من الخدمات التي تندرج تحت مسمى العولمة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved