Wednesday 13th October,200411703العددالاربعاء 29 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

لماذا يزيد الإنفاق الاستهلاكي في رمضان؟ لماذا يزيد الإنفاق الاستهلاكي في رمضان؟
د. محمد اليماني

أصبحت زيادة الإنفاق الاستهلاكي للأسر إحدى سمات شهر رمضان، والذي يشاهد أسواق ومحلات المواد الغذائية وازدحام المشترين والكميات التي يشترونها يشعر وكأن هناك كارثة قادمة أو أزمة في المعروض من هذه المنتجات؛ وبالتالي فلا مجال للتأخر أو التواني عن أخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي هذه الواقعة.
في استفتاء يقول بعض من يمارس هذه السلوكيات إنهم لا يشعرون بشهر رمضان إذا لم يتصرفوا بهذه الطريقة، وبدونها فإنه لا يختلف عن أي شهر آخر، يضاف إلى ذلك ممارسات أخرى مثل السهر ومتابعة المسلسلات الرمضانية والإكثار من الأكل إلى غير ذلك من الطقوس الغريبة التي تتعارض تماماً مع مقصد هذا الشهر وهدفه.
وقد كثر الحديث عن الإسراف في المأكل والمشرب والمستلزمات المنزلية بشكل عام خلال شهر رمضان، لكن لو حاولنا النظر بشكل علمي إلى طبيعة هذه المشكلة سنجد أن من يقوم بهذه السلوكيات يحاول إشباع حاجتين في آن واحد بشراء سلعة واحدة؛ فهو يسعى لإشباع شعوره بشهر رمضان، إضافة إلى إشباع حاجته إلى الأكل والشرب، ولا يتأتي ذلك إلا بالمبالغة في الشراء. ويتعاظم الإحساس بالشعور إلى إشباع الحاجة الأولى متى شاهد وسمع عن الأشخاص المحيطين به وفي الأسواق أنهم يمارسون التصرف ذاته، وكثير من أولئك من يذهب إلى السوق بقائمة محددة تشمل الأصناف والكميات التي يحتاج إليها، ويرجع وقد اشترى أكثر مما حدّد بكثير، سواء من حيث الأصناف أو الكميات أو الاثنتين معاً. وعند السؤال عن السبب تكون الإجابة: شاهدت الناس يعملون كذلك وأنا لن أكون بدعاً بينهم.
وتأتي النتيجة طبيعية؛ زيادة في الإنفاق الاستهلاكي، لا لكوننا نحتاج إلى كل هذه الكميات، وإنما لأن ذلك يشعرنا بشهر رمضان، أو لأن ذلك من العادات التي درجنا على اتباعها في استقبال هذا الشهر. ومن المؤكد أن هذه التصرفات تولد ضغوطاً على ميزانية الأسرة، وربما بدأ الاستعداد لها مبكراً عن طريق التوفير لمواجهة النفقات المتزايدة، وربما أثرت على الإنفاق في أشهر لاحقة، وفي أحيان أخرى ربما ألجأت الأسرة إلى الاقتراض.
وقد استغلت محلات المواد الغذائية هذه الإشكالية لدى الأسر، وتفننت في إشباع الإحساس برمضان وتركزت البرامج الدعائية والنشرات والملصقات الإعلانية حول هذه القضية.
وقد اتسعت دائرة السلع في السنوات الأخيرة والتي تلبي هذا الإحساس لدى البعض لتشمل الاشتراك في قنوات فضائية ومتابعة المسابقات الرمضانية، كما تحولت إلى مشاريع تدرّ أرباحاً طائلة ولم تعد لغرض الترفيه أو التثقيف. وأصبح بعضها يتبع أساليب مشبوهة شرعاً في الحصول على هذه الأرباح بما في ذلك المسابقات الدينية.
ما نحتاج إليه لعلاج هذه المشكلة هو الفصل بين الحاجة الحقيقية لما نقوم بشرائه والحاجة إلى ما يشعرنا بهذا الشهر، وأنه لا يكمن في كميات المواد الغذائية التي نشتريها أو القنوات الفضائية التي نشترك فيها أو نتابعها، وحينئذ نجد أن قائمة المشتريات الرمضانية قد تقلصت إن لم تتلاشَ.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved