Wednesday 13th October,200411703العددالاربعاء 29 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مركاز مركاز
تمر وجمر (1)
حسين علي حسين

لنأخذ هذا الكلام الذي يدعو إلى التفاؤل والتشاؤم معاً :
- (تنتج المملكة أكثر من 490 صنفاً من التمور ، منها 80% ذات جودة متدنية ، يعادل إنتاجها 703 ألف طن ، غير قابلة للتسويق ، إلا أنه يمكن استخدامها لإنتاج الكحول الطبي والسكر والأنزيمات والأحماض أو أي صناعة يستخدم فيها التمر كمادة خام.
- تتجاوز أعداد النخيل في المملكة 23 مليون نخلة (أي نخلة لكل مواطن) ، وتمنح الحكومة المزارعين 50 ريالا عن كل فسيلة جديدة تزرع و0.25 ريال لكل كيلو غرام ينتج في المزارع ، 50% كدعم من قيمة المعدات والمكائن ، لدعم زراعة النخيل ، يقدر بأكثر من 18 مليار ريال سنوياً ، لإنتاج 879 ألف طن في العام من التمور ، يتلف 80% منها نتيجة سوء التسويق!).
نقلت الأسطر السابقة من إحدى الصحف ، لنقف بعدها على أمور :
1- تدني استخدامنا للتمور ، فقد كان التمر موجوداً في كل منزل ، بل ان رب المنزل يشتري كمية هائلة من التمر ، يقوم بكنزها في عبوات ، لتكون زاداً تلجأ إليه الأسرة طوال العام ، أما الآن فقد اقتصر استخدامنا للتمر ، على تقديمه مع القهوة ، وبعض الأسر استبدلته بالحلوى أو الكيك!
2- كان التمر في تلك الأيام زاد الفقير والغني ، أما الآن فهو زاد الأغنياء ، الذين يحرصون على تقديمه مع القهوة لضيوفهم ، كلون من ألوان الفلكلور الباهظ التكلفة ، فقد وصل الكيلو من بعض الأصناف إلى مائة ريال!
أما التمر الوسط الذي تستطيع أن تتناوله مع القهوة أو بدونها فسعره - لسوء حظ محبيه - لا يقل عن 25 ريالاً للكيلو الواحد!
3- جيل الشباب في معظمه لم يعد يتناول التمر .. امتنع عنه نهائياً ، فقد أغنت علب الشيكولاته والمياه الغازية عنه!
4- في منزلنا وربما في 90% من المنازل لا يتناول التمر سوى اثنان : الرجل وزوجته وهذا الجيل لسوء حظنا لا يشكل في بلادنا سوى 30% من السكان أما الباقي فمن الشباب .. لقد أسأنا (للنخلة) ولثمارها ، فلم نقم حتى الآن بأي جهود جادة لإعادة الاعتبار لها ، فلماذا نهدر 80% من ثمرها ، ولماذا لا نستثمر كل جزء منها كما كان يفعل أجدادنا؟ في السابق كان نوى التمر يستخدم في صناعة المسابح وعلفاً للحيوانات وأخيراً .. بديلاً للبن فهو خال من الكفايين!
ويستخدم سعف النخلة في صناعة القفف والبسط والمراوح وغيرها من المصنوعات الشعبية! أما الثمر نفسه فمن الممكن الخروج منه بعشرات الفوائد أوردت المعلومة التي اقتبسنا بعضاً منها .. لكن يظل خير تكريم للتمور ، طرحها بكافة أنواعها بأسعار في متناول الجميع ، خاصة وأن المزارعين يأخذون دعماً سخياً فلماذا الشطط في أسعارها؟!
قبل أيام قمت بجولة على بعض الشركات المحلية العملاقة ، والتي ضخت فيها عشرات الملايين ، وقد عدت من تلك الجولة بصدمة ، وليس بخفي حنين كما يقولون ، فقد وجدت أن هذه الشركة تكاد تخلو تماماً من المواطنين ، مع أنها كما اتضح من جولتي لن تحتاج إلى خبراء في الحاسب أو التكنولوجيا ، ولكنها تحتاج إلى موظفين للبيع والشراء والمحاسبة ، بعبارة أوضح تحتاج إلى موظفين إداريين ليس مهما أن يكونوا من خريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة ، ولابد ان هذه الشركات بذلت جهداً مع هؤلاء المتعاقدين ، حتى أصبحوا يؤدون ما هو مطلوب منهم بكفاءة ، وهو ما يقوم به تجاه عماله الأجانب كافة رجال الأعمال دون منٍّ أو أذى ، ففي النهاية ستعود المصلحة على الطرفين ، المتعاقد الذي قدم من بلاده ، وليس في معيته سوى الشهادة والعزم على الكد والكسب ، ليعود إلى بلاده بعد عمر طويل غانما سالما ، والتاجر ليكون لدوره في السوق ثقل ومكانة ، لكن ألا يمكن أن يكون الجهد أو الرعاية التي يقدمها التاجر موجهاً للمواطنين؟ التاجر يعتقد أن ذلك غير ممكن لعدة أسباب أبرزها :
1- ان المواطن عينه طويلة ، وقليل الأدب فهو لا يسكت عن حقوقه ، ولديه صحافة حاقدة على الناجحين من أمثاله ، تساعده في الحق والباطل ، ليظل متربعاً على صدره.
2- أما المتعاقد فهو حبيب وطيب ، إذا ضربته على خده الأيمن ، قد يعطيك خده الأيسر ، وإذا ألزمته بثماني ساعات عمل ، أعطاك ضعفها هكذا يرون (أما أنا فأرى العكس)!!
3- أما الادعاء بأن المواطن قد يسرق وينهب ، فهو ادعاء من حسن الحظ انه كالفيروس ، من الممكن في أي لحظة أن يصيب المتعاقد السعودي ، والمتعاقد الأجنبي على السواء ، كما انه قد يصيب التاجر أو رجل الأعمال.. نفسه! فهو في النهاية ليس من جنس الملائكة!
لقد اكتشفت من خلال جولتي أن هناك فجوة كبيرة لا تشبه خرم الإبرة ، ولكنها تشبه خرم الجمل ، من المفروض ردمها سريعاً ، ليسلم الجميع بأن الحق أحق أن يتبع .. بدل لعبة القط والفأر التي نراها الآن بين وزارة العمل ورجال الأعمال .. وكليهما لحسن الحظ يملكان القدرة على الكر والفر .. وزارة العمل ورجال الأعمال!
وان كنت أتمنى أن تكون الغلبة لوزارة العمل ، فالذي نراه من تفشي البطالة وسلبية بعض رجال الأعمال تجاهها .. مؤلماً!!

فاكس 014533173


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved