البوارح
شهر رمضان
د. دلال بنت مخلد الحربي

عندما ينشر المقال سيكون رمضان قد اقترب، ولم يعد يفصل بيننا وبينه غير يوم واحد.
وفي كل رمضان تتسابق الأقلام في التعبير عن المشاعر تجاه هذه الشهر الفضيل الذي خُصِصنا به كمسلمين دون بقية الأديان الأخرى، ولهذا الشهر الفضيل منزلة كبيرة إذ يتجمع فيه الخير والفضل والمغفرة والأجر إن شاء الله.
وإذا كانت للشهر ميزاته الدينية العديدة، وكانت له عادات لا تأتي إلا معه، فإن أهم ما فيه وما يطلب من الإنسان تحقيقه خلاله التوجه الصادق إلى الله سبحانه وتعالى بالعبادات وغرس التقوى في النفوس وعمل الخير، وهي أمور ولا شك تحتاج إلى قوة عزيمة وصدق خاصة في عصرنا.
ولكن لماذا في عصرنا على وجه الخصوص..؟
إن الإجابة عن مثل هذا السؤال قد لا تحتاج إلى عناء كبير.
فالعصر الذي نحن فيه قد لا يكون له مثيل على مدى التاريخ في توفير سبل اللهو والابتعاد عن الروابط الأخلاقية والدينية.
هو عصر العبث حتى في اقدس الشهور..
فرمضان اصبح عند العرب والمسلمين الوقت المحبب الذي تعرض فيه المسلسلات والتمثيليات والبرامج الفنية المكثفة وبرامج المسابقات التي تشغل المرء عن اداء حق الله، ومن يرجع إلى الصحف والى إعلانات القنوات الفضائية والتي أخذت من الان تباشر دعايتها يشعر بحجم المغريات، وبكثافة طرق التنويه عن الملهيات.
انه لأمر عجيب أن يتحول شهر العبادة إلى شهر يحث فيه الناس على البحث عن ملذات الطعام والشراب وتتبع المسلسلات في القنوات، ولعلنا في خضم المصائب التي نواجهها أن نتذكر أن الشهر الكريم هو شهر للتخلص من كثير من العادات السيئة، وانه شهر للعبادة وإعطاء الخالق العظيم حقه من الإجلال والتوقير كما يستحق سبحانه وتعالى في كل ثانية على مدى الدهر.
إن الشهر الكريم يستحق منا أن نعمل فيه بما هو مطلوب له وتجنب كل ما يسيء إلى خصوصيته الروحانية والدينية.
إن في رمضان دروساً كثيرة مما يمكن أن نختزنه في نفوسنا ونعمل على تطبيقه في حياتنا ما بعد رمضان، وبغير ذلك نكون قد أهملنا الأهداف السامية التي فرض من أجلها الصيام.
يوم واحد يفصل بيننا وبين الامتحان على مدى قدرتنا على الاستفادة من درس عظيم جاء به الإسلام، درس يعزز حب الله الذي يؤدي إلى تنقية النفوس ودفعها إلى أداء واجباتها الدينية والدنيوية على الشكل الذي يرضى الله أولا ومن نتعامل معهم ثانياً.
تقبل الله من الجميع صيام وقيام رمضان على أكمل وجه.