البريطانيون يدخلون كابول

في مثل هذا اليوم من عام 1879 تمكن الجيش البريطاني من دخول كابول، عاصمة أفغانستان، معلناً بدء حقبة جديدة من الاحتلال الأجنبي لأفغانستان.وعلى الرغم من أن أفغانستان لم تكن في يوم من الأيام غنية بمواردها الطبيعية التي تغري قوى الاحتلال الأجنبي بغزوها كما كان الحال في الهند مثلا، فإن موقعها الجغرافي المتميز كان مغريا لأنه يربط بين شبه القارة الهندية من ناحية وآسيا الوسطى وإيران من ناحية أخرى.
ويرجع تأسيس الدولة الأفغانية إلى 1747 عندما وضع (دورانين أحمد) الحاكم المطلق للشعب القواعد الأساسية لدولة فعلية تحت سلطة الباشتون وهي القبائل التي تمثل غالبية سكان أفغانستان إلى جانب وجود أقليات أوزباكستانية وطاجيك.حاول البريطانيون خلال الفترة من عام 1832 إلى 1842 تنصيب ملك موال للتاج البريطاني دون جدوى على الرغم من الوجود البريطاني الراسخ في الهند المجاورة في ذلك الوقت حيث كان الوجود البريطاني يقف على اعتاب أفغانستان في المناطق التي أصبحت حاليا باكستان بعد استقلال شبه القارة الهندية وتقسيمها إلى ثلاث دول هي الهند وباكستان ثم بنجلاديش لاحقا.وقد استعان الأفغان في ذلك الوقت بالإمبراطورية الروسية التي لم تكن ترغب في اقتراب النفوذ البريطاني من مناطق نفوذها في منطقة آسيا الوسطى وبالفعل اقامت أفغانستان وروسيا علاقات دبلوماسية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر واحتفظت روسيا ببعثة دائمة في كابول.ولم تتوقف محاولات البريطانيين من أجل السيطرة على أفغانستان. وفي عام 1878 أرسلت بريطانيا بعثة عسكرية إلى أفغانستان ولكنها اصطدمت بالمقاتلين الأفغان في ممر خيبر الاستراتيجي وباتت الحرب حتمية فأرسل البريطانيون قوة تضم ثلاث فرق وتتحرك على ثلاثة محاور مختلفة حتى تفتت القوة الأفغانية.ورغم أن الأفغان أبدوا مقاومة شرسة وأحسنوا استغلال الطبيعة الجبلية الوعرة لبلادهم إلا أن القوات البريطانية تمكنت في أكتوبر عام 1879 من دخول كابول والسيطرة على مقدرات البلاد.ولكن الأفغان لم يستسلموا إذ سرعان ما استردوا وعيهم وأعادوا تجميع صفوفهم وأشعلوا الثورة ضد الوجود البريطاني في بلادهم عام 1919 بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وهو العام نفسه الذي قامت فيه الثورة المصرية بزعامة سعد زغلول.