Tuesday 12th October,200411702العددالثلاثاء 28 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

شيء من المنطق شيء من المنطق
فواكه الفكر العربي
أ. د مفرج بن سعد الحقباني

لكل مجتمع من المجتمعات ثقافته الخاصة التي تشكل إطاراً عاماً لمعظم الأفكار السائدة في هذا المجتمع وتحدد طبيعة الأهداف وشكلية الاستراتيجيات المتبعة لتحقيق هذه الأهداف والتطلعات فكلما كان المجتمع مسلحا بثقافة رصينة ذات مكونات علمية وعملية تتمشى مع التطلعات والأهداف السامية للأمة بشكل عام وللمجتمع بشكل خاص، كان هذا المجتمع قادراً على تحقيق قفزات تنموية في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، وكلما كانت مكونات ثقافة المجتمع واهية وهابطة، صار هذا المجتمع فوضوياً لا يحتكم إلى معايير ومقاييس حسية ولا يلهث وراء أهداف سامية لها صلة بمستقبل الأمة مما يجعله عبئا على المجتمعات الأخرى في تلبية احتياجاته الاستهلاكية التي أصبحت بالنسبة لهذا المجتمع غاية تسقط دونها كل الغايات. أقول ما تقدم وأنا أسمع وأرى تهافت بعض أبنائنا وراء الفوضى الفنية المغلفة بطعم الفواكه كالبرتقالة والمشمشة والتفاحة والباذجانة والرمانة التي وللأسف احتلت عنوة أفكار وأذهان الأبناء والبنات وألهتهم عن تبني التطلعات والأهداف الوطنية والمجتمعية وقضت للأسف على بعض معايير الحياء الاجتماعي لدى البعض. أقول هذا القول وأنا أتابع نتائج جائزة نوبل للفيزياء التي فاز بها العالم الإسرائيلي تاركا لنا ولشبابنا الساحة كاملة لمطاردة وهم البرتقالة وأخواتها حتى صار المجتمع بفكره وأحاديثه فواكهي الطعم والشكل دون أن يعي خطورة هذا التوجه على مستقبل الوطن ومرتكزاته الشرعية والمجتمعية.
يا سادة.. لقد تسابق رجال الأعمال اليهود على إنشاء وشراء الإمبراطوريات الإعلامية العالمية وسخروا كافة إمكانياتهم لخدمة أهداف دولتهم إسرائيل ونحن يتسابق لدينا رجال الأعمال في ميدان عرض التفاهات المضللة التي لا ترتبط بالفن العربي ولا تهدف لهدف معنوي أو حسي غير الكسب المادي بغض النظر عن نوع الضحية حتى لو كان الوطن أو المجتمع أو الأمة لم نكن في يوم من الأيام في حاجة إلى إعلام متوازن يخدم المصلحة الوطنية والأممية ويذب عنا وعن مجتمعنا وديننا التهم كما نحن في الوقت الحاضر، ولم نكن في وقت من الأوقات ضحية للخداع الإعلامي الصهيوني كما نحن في هذه الأيام، ومع ذلك لا زال جل القنوات العربية يتسابق في عرض ساقط الفن وفاضح الملبس دون أن يحركها الشعور الوطني والأممي للدفاع عن الوطن الذي بنت عليه ومن خيراته أرصدتها البنكية وأسوأ ما في الأمر أن هذه القنوات لم تتوقف عند حد عدم القيام بالواجب ولكنها تجاوزته بتبني المحظور في غلاف فواكهي مقزز حتى أضحت البرتقالة وأخواتها قضية للأمة تسقط من دونها كل القضايا وحتى صار الأبناء والبنات يلهثون بين قنوات البث الفضائي يصطادون من الفواكه ما يرون أنه يمنحهم مرتبة الفارس المغوار الذي تجاوز الجميع وفاز بشرف مشاهدة أكوام الفواكه المتناثرة وأخطر ما في الأمر أن يأتي اليوم الذي يبدع فيه خيال المنتج ليقدم للأمة أغنية حربية يمتشق فيها البطل خياراً أو موزاً محطماً بذلك كل القيم المجتمعية والحياء الاجتماعي وعندها فقط سنكون نحن الضحية للفوضى الفنية التي لا تمت للقيم العربية ولا تعطي بالاً لمشاعر المشاهد وأذن المستمع.
فلنحذر هذا اليوم الذي نتمنى ألا يأتي؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved