قد نختلف بحثاً ودراسة عندما نرغب في الوصول إلى (الوسطية) تعريفاً وتحديداً، ولكننا بالتأكيد نتناحر، بل ويقصي بعضنا بعضاً عندما نمارس هذه (الوسطية) واقعاً، مع أننا في الأصل أمة وسط، نسعى إلى (الوسطية) وندعو إليها، بل تؤكدها أدبياتنا المختلفة في حقبنا التأريخية المشرقة بوسطيتنا واعتدالنا، ولكن عند (التطبيق) نتحارب من أجل أن نحظى بلقب (الوسطية) ونتقاتل من أجل الظفر بها وساماً نتزين به، وبنظرة فاحصة لتفصيلات المشهد الحياتي في وطننا العربي الكبير، نجد أن (الوسطية) تحقق رقماً قياسياً يعطيها فرصة العمر، لتدخل (موسوعة غينيس للأرقام القياسية) فهي - بلا منازع - تعتبر المصطلح الذي حقق رواجاً عالياً في مختلف الأوساط الاجتماعية والإعلامية والعلمية العربية، بحثاً ودراسة ونقاشاً، لكنه في الواقع تحول إلى (نطاح) و(صراع) جعلنا نكره ما تعارف عليه البعض من أشكال (الوسطية)، أما على المستوى الإعلامي، فالبرامج الحوارية تتصدرها (الوسطية) والمواقع الإلكترونية تتمسح (بالوسطية) وإن كانت تمارس غير ذلك إدارة واستضافة، أما على مستوى (الفضائيات العربية)، التي ما زالت منذ سنين تحلم ب(الوسطية) مجرد حلم، أما أمام نظر المشاهد العربي المغلوب على أمره وداخل بيته وبين أولاده وبناته، فهي تحترف هز (الوسط) وليس البحث عن (الوسط) تفكيراً وتعاملاً ومنهج حياة، حتى (الوسطية) حوّلها واقعنا المتخلف إلى شكل من أشكاله.
إن (الوسطية) خطاب واقعي قابل للتطبيق والالتزام لكنه يستصحب مقاصد التشريع آخذاً بالأدلة الشرعية والإحاطة بواقع الأمة وحياة الناس.
أخيراً..
متى نمارس (الوسطية) ونتجاوز هز (الوسط)....
|