قرأتُ ما كتبه حماد السالمي في جريدة (الجزيرة) العدد 11693 بتاريخ 19 شعبان 1425هـ بعنوان (أريحونا من هذا العذاب). ولي مع المقال المذكور الوقفات التالية:
أولاً: هل أصبح الكاتب الصحفي مكتب محاماة توجَّه له الشكاوى وينوب عن أصحابها في إيصالها إلى المسؤولين في الدولة، وخاصة في موضوع كهذا، ونحن نرى ونعرف أن أبواب ولاة الأمر -حفظهم الله- وأبواب المسؤولين في الجامعة مفتوحة وتستقبل كل مواطن أو موظف ليعبر عن وجهة نظره، ويرفع شكواه؟! فلماذا يطرح الموضوع بهذا الشكل، وبدون تحديد مصدر الشكوى وحجمها ورأي أصحابها واضحاً؟!
ثانياً: في المقال مبالغة لا يقبلها عقل ولا واقع، فمثلاً عبارة (أصبحت المعاهد العلمية كالضمان الاجتماعي لا يأتيها إلا الضعفاء والفقراء الراغبون في المكافآت). أقول: إن الواقع يكذب هذا الزعم جملةً وتفصيلاً. وكذلك تبعاً لما سبقه كيف يسوغ لمن وصفوا أنهم مدرسون في المعاهد ويقولون إن الطلاب - في الغالب - ضعفاء في الدراسة وأغبياء؛ لأنهم جاءوا من أجل المكافأة فقط؟! ونحن نرى أن الغالب في طلاب المعاهد أنهم متميزون ومتفوقون علمياً وخلقياً، والتقارير المرتفعة شاهد حق يعرفه أولياء أمور الطلاب كما يعرفه المسؤولون في المعاهد العلمية.
ثالثاً: انسداد الأبواب وضيق المجالات في وجوه خريجي المعاهد العلمية زعمٌ بعيدٌ عن الدقة والمصداقية، فخريج الثانوية من المعاهد العلمية مثل زميله خريج الثانوية العامة قسم الدراسات الشرعية سواء، يقبلون حسب النسب المحددة في الجامعات. علاوة على أن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تقبل خريجي المعاهد العلمية جميعهم بغض النظر عن تقاديرهم.
رابعاً: وما زعمه أصحاب الشكوى من الملل والسأم (والعزلة) أمر غريب؛ فمن يتقدم للعمل في المعاهد العلمية يعرف مسبقاً وضع المعاهد العلمية وما يتعلق بالنقل منها أو إليها قبل تقدُّمه بها، ومثله في ذلك مَن يتقدم للتدريس في الهيئة الملكية للجبيل وينبع، فهذا الأخير ينحصر عمله طيلة عمره الوظيفي في مدينتين فقط، هما الجبيل وينبع. ونحن نرى حتى إعداد هذه السطور أن المدرسين في مدارس الحرس الوطني والمدارس التابعة لوزارة الدفاع والطيران لا يمكن لهم الانتقال إلى المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، ومثل ذلك يقال عن المدراس والمعاهد التابعة للمؤسسة العامة للتعليم الفني.. فلماذا يكون الحديث عن عزلة وملل يعيشه مدرسوا المعاهد العلمية؟!
مع أن في الحديث عن مدرسي المعاهد ما نتفق فيه مع الكاتب، وهو عدم وجود دورات للمدرسين أو حوافز أخرى مثل ما يتاح لزملائهم في المؤسسات التعليمية الأخرى. وقد شكا المدرسون من ذلك مراراً وطالبوا مسؤولي الجامعة به.
رابعاً: قد زعم من وصفوا بأنهم مدرسون وطلاب في المعاهد العلمية أن أبواب الأنشطة في المعاهد مغلقة ولا وجود لها، ولا وجود لمشاركة الطلاب في الأنشطة العامة في المملكة، سواء التي تنظمها وزارة التربية والتعليم أو غيرها.. والواقع بخلاف ذلك، فلدى الجامعة خطة للنشاط ترسل للمعاهد سنوياً، تشمل برامج ثقافية واجتماعية ورياضية، وتنفذ تلك البرامج بإشراف مديري المعاهد، وبدعم سخي من الجامعة، ومن تلك البرامج الأنشطة الكشفية. مع وجود مشاركات منوعة لطلاب المعاهد العلمية في المناسبات العامة والبرامج الكشفية التي تنظمها الجمعية الكشفية السعودية في موسم الحج وغيره، ومثل ذلك يقال في مشاركة طلاب المعاهد مع زملائهم في التعليم العام في برامج ثقافية ومسابقات رياضية وغيرها، كما أن الجامعة تنظم مسابقات بين طلاب المعاهد في كل عام في القرآن الكريم والخطابة وغيرهما.
وأخيراً: كم نتمنى أن يكون في طرحنا الصحفي دقة وواقعية، وكم نتمنى البعد عن المبالغة في عرض قضايا المجتمع بعامة.. وهذه الرسالة طالما أكَّد عليها ولاة الأمر حفظهم الله تعالى.
ونحن علي يقين بأن المسؤولين يحرصون كل الحرص على تذليل الصعوبات وتهيئة الوسائل؛ ليتمتع أبناؤنا الطلاب بجو دراسي بعيد عن الرتابة والملل ومليء بالمتعة والفائدة والنشاط المتجدد. والمعاهد العلمية وبشهادة عدد كبير من مسؤولي الدولة كانت ولا تزال تؤدي رسالة علمية سامية حرص عليها ولاة الأمر عند تأسيسها.. وبإمكان مَن لديه اقتراح أو رأي إيصاله إلى المسؤولين لدراسته والعمل به. وفَّق الله العاملين المخلصين، وهدانا جميعاً إلى ما فيه الخير؛ إنه سميع مجيب.
عبد العزيز بن صالح العسكر
الخرج ص ب 190 - 11992 |